تطورات مرتقبة للنظام العقابي للأردن


2015-10-02    |   

تطورات مرتقبة للنظام العقابي للأردن

أقرت الحكومة مشروعاً معدلاً لقانون العقوبات ويفترض أن يتم إرساله إلى مجلس النواب لغايات إقراره. تمّ اقتراح تعديل 186 مادة أي ما يقارب 40% من أحكامه. ومن أبرز هذه التعديلات تلك التي جاءت في الباب الثاني من القانون الذي يحمل عنوان "في الاحكام الجزائية" وتحديدا الفصل الأول منه المتعلق بالعقوبات. وهو ما سيتم تناوله هنا.

تدعم التعديلات المقترحة الأخذ ببدائل العقوبات السالبة للحرية وهو أمر لم يتم الأخذ به سابقا في الأردن. فقد عالجت المادة 25 مكرر من مشروع القانون المعدل العقوبات المجتمعية على النحو التالي:

1- الخدمة المجتمعية وهي الزام المحكوم عليه القيام بعمل للصالح العام المجتمعي غير مدفوع الاجر لخدمة المجتمع لمدة تحددها المحكمة لا تقل عن 40 ساعة ولا تزيد على 200 ساعة على ان يتم تنفيذها خلال مدة لا تزيد على سنة،

2- المراقبة المجتمعية وهي الزام المحكوم عليه بالخضوع لرقابة مجتمعية لمدة تحددها المحكمة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات،

3- المراقبة المجتمعية المشروطة بالخضوع لبرنامج تأهيل أو أكثر: هي إلزام المحكوم عليه بالخضوع لبرنامج تأهيل تحدده المحكمة ويهدف لتقويم سلوك المحكوم عليه وتحسينه.

وفي تصريح صحفي لوزير العدل، بسام التلهوني، أوضح أن التعديلات راعت مختلف الأمور والاعتبارات ذات العلاقة بما فيها طبيعة المجتمع الأردني والردع العام والخاص المتوخى نتيجة التجريم وفرض العقوبات.كما أشار إلى أن التعديلات المتعلقة بالعقوبة المجتمعية لاقت استحسان المنظمات المعنية بحقوق الإنسان. إلا أن منظمة هيومن رايتس وجهت رسالة إلى رئيس الوزراءاحتوت على مجموعة من الانتقادات لمشروع القانون المعدل بهدف توفير حماية أفضل لحقوق الانسان من أبرزها أن مشروع القانون سمح للقضاة، لأول مرة، بفرض بدائل للسجن لكن التعديل يخفق في تفصيل الجرائم والظروف المحددة التي يمكن للقضاة خلالها استخدام العقوبات البديلة، والنماذج التي ينبغي أن تكون عليها خدمة المجتمع، وسبل مراقبتها.

وبحسب المادة 4 من مشروع القانون المعدل، فقد تم إلغاء كلمة "شاقة" عند تعداد العقوبات الجنائية لتصبح العقوبات هي الأشغال المؤقتة والمؤبدة، علما بأن القانون الحالي قد عرّف الاشغال الشاقة بأنها تشغيل المحكوم عليه في الأشغال التي تتناسب وصحته وسنه، سواءً داخل مركز الاصلاح و التأهيل أو خارجه.

وتمت إضافة منع الاقامة كأحد التدابير السالبة للحرية أو المقيدة لها من خلال المادة 10 للمشروع المعدل وهي الحظر على المحكوم عليه من أن يتواجد بعد الإفراج عنه بعد انقضاء مدة عقوبته، في أماكن معينة لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على مدة العقوبة المحكوم بها بأي حال على خمس سنوات، على ان تراعي المحكمة في ذلك ظروف المحكوم عليه الصحية والشخصية والاجتماعية.وكذلك الأمر لمنع مزاولة مهنة او حرفة او فن أو اي عمل معلق على قبول الجهة المختصة قانونا، فيمكن للمحكمة أن تقرر منع المحكوم من مزاولة عمله مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على سنة. ويبدأ سريان مدة المنع من تاريخ انتهاء تطبيق العقوبة أو سقوطها لأي سبب ما عدا العفو العام.

وعلى صعيد متصل، قرر مجلس الوزراء في أيلول 2015 الموافقة على البدء بتطبيق استخدام الاسوارة الالكترونية كبديل عن التوقيف القضائي أثناء المحاكمة أو التحقيق. وتخدم الاسوارة الالكترونية مجموعة من الأغراض منها تعزيز حقوق الانسان، تجنيب الموقوف من الاختلاط بالمحكومين، منع الشخص الذي يفترض توقيفه من مغادرة المكان الجغرافي المحدد من قبل القاضي وتحقيق وفر مالي على خزينة الدولة إذا ما تم أخذ تكلفة توقيف الأفراد لدى مراكز الإصلاح والتأهيل بعين الاعتبار. وبهذا الخصوص، تجدر الإشارة إلى أن المركز الوطني لحقوق الإنسان رصد العديد من المخالفات المتعلقة بالتوقيف في تقريره حول حالة حقوق الإنسان بالاردن للعام 2014، لعل أبرزها عدم وجود ضوابط ومعايير موضوعية واضحة لاستخدام التوقيف في مرحلة التحقيق الابتدائي أو المحاكمة الأمر الذي يتعذر معه تطبيق الرقابة القضائية على التوقيف ويهدر التوازن المطلوب بين احترام حرية الفرد وسلطة الدولة في التحقيق، قدم معظم الأبنية المخصصة لأماكن التوقيف المؤقت وتهالك البنى التحتية وحاجتها إلى الصيانة والترميم، سوء أوضاع البيئة الاحتجازية، نقص الحاد في الخدمات المقدمة، عدم الاحتفاظ بسجلات دقيقة في أماكن الاحتجاز، عدم مراعاة معايير تصنيف المحتجزين التي كفلتها المعايير الدولية والوطنية، حرمان المحتجزين من الاتصال بالعالم الخارجي، بما في ذلك الاستعانة بمحام، والعرض على الطبيب خلال مدة الاحتجاز والمعاملة القاسية واللاإنسانية لبعض الموقوفين لدى بعض المراكز الأمنية، وارتفاع شكاوى وادعاءات التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.

إلا أن البدء الفعلي لتطبيق الاسوارة الالكترونية يستلزم تعديل قانون اصول المحاكمات الجزائية، وهي ما تعمل عليه وزارة العدل حاليا حيث تم تشكيل لجنة معنية بهذا الخصوص.

وفي النهاية، يمكن القول أن التعديلات المرتقبة ايجابية، إلا أن تطبيقها بشكل فعّال يحتاج إلى جهود مكثفة وخبرات فنية لوضع ضوابط واضحة في التطبيق سواء من قبل القضاء أو الاجهزة الفنية التي ستشرف على تطبيق هذه التعديلات.

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكمة عادلة وتعذيب ، مقالات ، الأردن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني