المستجدات القضائية في ليبيا في 2013 و2014


2015-06-24    |   

المستجدات القضائية في ليبيا في 2013 و2014

في سياق متابعتها للمستجدّات القضائيّة في العالم العربي وتوثيقها، تنشر المفكرة القانونية، تقريرين حررهما القاضي مروان الطشاني عن هذه المستجدات لسنتي 2013 و2014 في ليبيا. فبعد الحراك القضائي الذي شهده هذا البلد تيمّنا بتونس والمغرب في 2012، والذي كانت المفكرة وثقته في تقرير سابق،انكفأ هذا الحراك في 2013 لأسباب عدّة أهمها انعكاس حالة الاستقطاب السياسي وصراع الكتل السياسية في البرلمان (المؤتمر الوطني العام) وعجز الحكومة المؤقتة عن مساندة السلطة القضائية وتوفير الأمن لعمله، بل عجزها عن بسط سلطتها على أراضي ليبيا. وقد أضيف الى ذلك صدور قانون العزل السياسي والاداري (والقضائي)، وما استتبعه من تململ في الأوساط القضائية. وفي 2014، برز كمٌّ هائل من الانتهاكات والاعتداءات على القضاة ومقار المحاكم والتي ما تزال مستمرة حتى الآن. ننشر اليوم تمهيدا لهذا العمل على أن ينشر غدا التقرير عن سنة 2013 ويوم الأحد القادم التقرير عن سنة 2014   (المحرر).

تمهيد

تعدّ سنة 2012 سنة ثرية بالحراكات القضائية في ليبيا، فقد شهدت هذه السنة العديد من التطورات والتغييرات على مستوى العمل القضائي وتعديل القوانين المنظمة له ، فمن الناحية التشريعيّة، صدرت تعديلات عدة لقانون نظام القضاء رقم 6 لسنة 2006 بشأن نظام القضاء، وعلى مستوى الأحكام القضائية، صدرت عدة أحكام هامة من الدائرة الدستورية ألغت العديد من القوانين المخالفة للإعلان الدستوري المؤقت الصادر في 382011 وتعديلاته.

كما امتد الحراك القضائي حتى على مستوى القضاة أنفسهم في مسألة حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير مستغلين المساحة التي منحها لهم الإعلان الدستوري حيث أنشئ أول تجمع مستقل للقضاة (المنظمة الليبية للقضاة)، وكذلك نادٍ للقضاة بطرابلس. كما أسست مجموعة أخرى لجنة تأسيسية لنادي القضاة وأعضاء النيابة العامة لكنه لم يرَ النور بسبب قانون العزل السياسي. وقد أعطى كل ذلك انطباعا بأن عام 2013 سيشهد استمراراً للنشاط القضائي ينتج عنه مزيدٌ من التطوير والتحديث وذلك انعكاسا للزخم الديمقراطي ومرحلة التغيير السياسي والمؤسسي التي تمر بها البلاد.

وبالفعل بدأ العام بحراك متوالٍ. لكنه راح يقلّ تدريجيا لأسباب رئيسية أهمها انعكاس حالة الاستقطاب السياسي وصراع الكتل السياسية في البرلمان (المؤتمر الوطني العام) وعجز الحكومة المؤقتة عن مساندة السلطة القضائية وتوفير العوامل المساهمة في انجاز عملها. بل أن الحكومة عجزت عن فرض سيطرتها على الأرض لوجود العديد من المجموعات المسلحة الخارجة عن سيطرتها بالإضافة لحالة للانفلات الأمني وحالة عدم الاستقرار السياسي. وقد انعكس كل ذلك سلبا على القضاء باعتباره جزءا من مؤسسات الدولة. وتبعا للتطورات السلبية على كذا صعيد، باتت سنة 2014 سلبية على مستوى الحراك القضائي، حيث برز كمٌّ هائل من الانتهاكات والاعتداءات التي تعرضت لها السلطة القضائية في ليبيا والتي ما تزال مستمرة حتى الآن.

وقد نتج عنها اغتيال لعدد من القضاة والاعتداءات عليهم وتفجير مقار المحاكم والنيابات مما أثر على تطوير وتفعيل القضاء والذي انعكس سلبا على وضع الدولة ككل.

وقبل الحديث عن العمل القضائي وتطوراته لعامي 2013 و2014 واستعراض أهم القوانين التي صدرت والقرارات والأحكام القضائية التي أحدثت جدلا، نرى من المهم أن نستعرض بإيجاز نبذة صغيرة عن القضاء الليبي تعطي للقارئ فكرة مبسطة عن القضاء وطبيعة نشأته في ليبيا.
فبعيد الاستقلال الحاصل في 24/12/1951 بموجب قرار أممي شهير صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدةرقم 289 في 21/11/1949، شكّلت لجنة تعمل على تنفيذ قرار الأمم المتحدة وتبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق وحدة ليبيا ، ونقل السلطة إلى حكومة ليبية مستقلةوكان ذلك تتويجا لنضال الشعب الليبي ومقاومته الباسلة للاحتلال ألإيطالي.

ولذلك كان من الطبيعي أن تتولى هذه اللجنة الدولية المساعدة في صياغة الدستور الليبي الذي أخذ بمبدأ الفصل بين السلطات، وقد تم تضمينه مبدأ وحدة القانون بتأثير من النظام القضائي الأمريكي والبريطاني بالنظر إلى قوة مؤيدي هذا النظام داخل اللجنة.

وبنتيجة ذلك، أقرت الجمعية الوطنية التأسيسية المتكونة من ستين عضوا الدستور الأول لليبيا في 1951.10.8. وقد جاء في مادته (42):”السلطة القضائية تمارسها المحكمة العليا والمحاكم الأخرى”. وبالتالي، كان هذا النص الدستوري اللبنة الأساسية في بناء النظام القضائي الليبي لينطلق من بعدها المشرع الليبي في رحلة استصدار القوانين والتشريعات المنظمة للعمل القضائي.

وبدأت معالم النظام القضائي الليبي في الوضوح بصدور أول تشريع قضائي في عهد المملكة وهو قانون المحكمة العليا الاتحادية الصادر بمرسوم بتاريخ (10 نوفمبر1953) والذي أكد فيه المشرع الليبي اختياره لنظام القضاء الموحد حيث تخضع جميع المحاكم مع اختلاف تشكيلاتها وأنواعها ومع استقلالها عن بعضها في النهاية لرقابة محكمة عليا واحدة تشرف على توحيد تفسير القانون وتطبيقه بالنسبة لكل محاكم الدولة ، وبدأت بعد ذلك رحلة طويلة من العمل التشريعي نتج عنه إصدار العديد من القوانين المنظمة للسلطة القضائي حتى وصل لشكله الحالي.

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، ليبيا



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني