مجلس تأديب القضاة الفلسطيني يكرس حريتهم في التشكي والنقد


2015-05-26    |   

مجلس تأديب القضاة الفلسطيني يكرس حريتهم في التشكي والنقد

أناط قانون السلطة القضائية الفلسطينية رقم 1 لسنة 2002 بمقتضى المادة 48 منه صلاحية تأديب القضاة وأعضاء النيابة العامة إلى مجلس التأديب الذي يتألف من أقدم اثنين من قضاة المحكمة العليا وأقدم قاض من قضاة محاكم الاستئناف من غير أعضاء مجلس القضاء الأعلى، وعند غياب أحد الأعضاء أو وجود مانع لديه يحل محله الأقدم فالأقدم ممن يتلوه في الأقدمية من الجهة التي يتبعها، بحيث يتولى رئاسة المجلس أقدم أعضائه الحاضرين من المحكمة العليا، وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة لأعضائه.

وكان مجلس القضاء الأعلى قد أصدر قرارا بإحالة رئيس النيابة خالد عواد إلى قاضي تحقيق من المحكمة العليا لقيامه بتقديم شكوى خطية إلى المجلس القضائي، حيث رأى المجلس أن ما ورد في هذه الشكوى من عبارات تعتبر مخالفات مسلكية تستدعي التحقيق، وقد قرر قاضي التحقيق إحالة رئيس النيابة إلى مجلس التأديب لمساءلته، حيث تضمن قرار الإحالة توجيه ثلاث تهم لرئيس النيابة وهي: تهمة الإساءة غير المبررة لرئيس السلطة القضائية، وتهمة المساس بهيبة القضاء، وتهمة مخالفة قواعد سلوك القاضي.

وكان رئيس النيابة المذكور قد تقدم بشكوى خطية حول تظلمه من قرار صادر عن رئيس المحكمة العليا بخصوص طعنين مقدمين منه للمحكمة بشأن المساس بحقوقه، وقد قام رئيس النيابة المذكور بإرسال نسخ من الشكوى لرئيس الدولة ووزير العدل واحدى المؤسسات الأهلية المهتمة باستقلال القضاء الأمر الذي أثار حفيظة المجلس القضائي ودعاه لاتخاذ الإجراءات التأديبية بحق رئيس النيابة العامة المذكور على الوجه الذي بيّناه.

وبتاريخ 1/3/2015، أصدر مجلس تأديب القضاة الفلسطيني حكما في هذه الدعوى التأديبية التي حملت الرقم 2/2014، وقد تضمن هذا الحكم العديد من المبادئ الهامة بشأن حق القضاة وأعضاء النيابة العامة في النقد المباح للإجراءات التي تتخذ مساسا بحقوقهم، لاسيما حقهم في الشكوى وإشهار تظلمهم للعلن. وبقراءة هذا الحكم يمكن لنا أن نستخلص جملة من هذه المبادئ وهي:

1-  أرسى الحكم مبدأ هاما يقضي بأنه لا تثريب على القاضي وعضو النيابة من إبداء تظلمه وإشهار رأيه دفاعا عن حقه، وانه لا يوجد ما يمنع من قيام المدعى عليه بإرسال شكواه لرئيس الدولة ووزير العدل ومركز مساواة لاستقلال المحاماة والقضاء.

2-  أكد الحكم أنّ تقديم الشكوى من قبل القاضي وإشهارها هو حق لا يداور ولا يراثي حتى لا يضيع حق القاضي بعوامل الجبن ويتلاشى بالاستحياء لأنّ الحياء في غير موضوعه ضعف، والجبن لا يعيد حقا على حد وصف مجلس التأديب.

3-  رأى الحكم أنّ من حق القاضي وعضو النيابة أن يتقدم بالشكوى باعتبارها لا تخرج عن نطاق استعمال الحق والمطالبة بالإنصاف وتحقيق العدل وتعرية الخلل، وبيان أوجه مخالفة القانون.

4-  رأى الحكم أنّ استخدام عبارة (خرقا فاضحا) وعبارة (شديد الدهشة والاستغراب) لا يشكل مخالفة طالما أنّ ما قرره رئيس المحكمة العليا يثير الدهشة والاستغراب فعلا ويقع في دائرة الخرق، لاسيما أنه قد درجت العادة على استخدام مثل هذه العبارات في كثير من التظلمات والطعون، – هذا ما قد يفتح الباب والتساؤلات حول إمكانية المخاصمة لدى المحكمة المختصة-.

5-  أكد الحكم على عدم جواز مساءلة القاضي على قيامه بالنقد المباح واستعمال حقه في الشكوى لأنّ في ذلك ما يؤدي إلى إهدار الحق ومنع استعماله إشباعا لنزوة أو انفلاتا من الحق والعدل.

ويعتبر إقرار هذه المبادئ سابقة مهمة في تأكيد حقوق القضاة وأعضاء النيابة العامة في التعبير عن آرائهم وحقهم في التظلم والشكوى نصفة لحقوقهم التي قد تتعرض للمساس من جهة، ومن جهة أخرى تؤكد هذه المبادئ على حق الجمهور والجهات الرسمية في الاطلاع على المعلومات المتعلقة بحقوق القضاة ومراكزهم القانونية تأكيدا لمدى توافر ضمانات الحصانة المقررة لهم بموجب قانون السلطة القضائية.

الصورة منقولة عن موقع aljazeera.net
 

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، فلسطين



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني