إحتجاجا على عدم “حماية النساء من العنف” ضمن أعمال اللجان النيابية: إعتصام وإطلاق حملة “حياة النساء أهم من كراسيكم”


2013-01-30    |   

إحتجاجا على عدم “حماية النساء من العنف” ضمن أعمال اللجان النيابية: إعتصام وإطلاق حملة “حياة النساء أهم من كراسيكم”

الإعتصام الذي دعا إليه ونفذه التحالف الوطني من أجل تشريع حماية النساء من العنف الأسري قبل ظهر اليوم، الأربعاء، في 30-1-2013، إحتجاجا على عدم إدراج مشروع قانون العنف الأسري على جدول أعمال اللجان النيابية المشتركة، عكس أمرين اثنين:
الأول، تمثّل في تأكيد التحالف، الذي يضم نحو 60 جمعية ومنظمة أهلية، مجددا على عدم الإنسياق وراء أجندة السياسيين وزعماء الطوائف في لبنان، ساعيا الى فرض الأجندة المطلبية الإجتماعية على جدول أعمال الوطن، بغض النظر عن النتائج والجدوى المرجوة على المدى القريب. وعليه، قال التحالف كلمته: "نحن هنا ولن ننسى قضايانا..نحن بالمرصاد".
أما الأمر الثاني، فقد تمثل بالهوة الكبيرة التي تفصل إهتمامات السياسيين عن نبض الشارع والناس، وتَلَهيهم بما يعتبرونه أهم، والمتمثل حالياً بإحتساب كراسيهم المتوقع حصدها خلال الإستحقاق الإنتخابي المقبل، والقانون المشوه الأنسب الذي يسعون الى إعتماده، كلا وفق مصلحته، بغض النظر عن توافقها أو تعارضها مع مصلحة الوطن العليا، وطبعا الديموقراطية.
ويجري ذلك كله وسط الخطاب الطائفي والمذهبي المستعر الذي دشنه مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني في إفتائه ب"الردة لمن يشرّع ويعقد الزواج المدني في لبنان"، متجاوزا سقف الطائف والدستور ليطيح بحرية المعتقد المكرسة، وبمبدأ "لبنان وطن لجميع أبنائه". وكان قباني نفسه "سباقا" إلى رفض وإنتقاد مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري لدى إدراجه للبحث في المجلس النيابي قبل نحو سنتين، وقد شنّ آنذاك هجوما شرسا على واضعيه ومؤيديه، ليعتبر أنه "مغربن (نسبة إلى الغرب) ويفكك الأسرة ويخالف تعاليم الدين الإسلامي".
ومن وحي انشغال اللجان النيابية المشتركة بالجدل البيزنطي حول قانون الإنتخابات، أطلق التحالف، بقيادة منظمة "كفى عنفا وإستغلالا"، حملته الجديدة تحت عنوان "حياة النساء أهم من كراسيكم". كما خطا التحالف خطوة عملية تتمثل ببدء نشر قصص نساء معنفات من كل لبنان، توجها أمس برسالة السيدة الجنوبية "خ.س" الموجهة إلى الرئيس نبيه بري، والتي نشرت في جريدة "الأخبار" الصادرة صباح الإعتصام.
وأكدت محامية "كفى" ليلى عواضه أن رسالة "خ.س" لن تكون الأخيرة، وأن النساء المعنفات قررن خوض معركتهن بأنفسهن من خلال إخراج معاناتهن وقصصهن من الظل والخاص إلى الضوء والعام، وتحديدا في وجه النواب وفي قلب الدوائر الإنتخابية، ليضعوهم أمام مسؤولياتهم. ويأتي إعتصام الأمس بعد وقت قصير من صدور حكم قضائي بحق رجل قتل طليقته اكتفى بمدة توقيفه الحاصل منذ العام 2006 وبتغريمه بدفع فدية تصل إلى 25 مليون ليرة لبنانية لذوي الضحية.
وأعلن المعتصمون عن رفضهم أبن تلقى السيدات المعنفات واللواتي ما زلن يفتقرن إلى قانون فاعل يحميهن، مصير لطيفة التي قتلها زوجها حتى بعد طلاقها منه، أو مريم التي دفعها العنف الأسري الممارس بحقها إلى الإنتحار. كما أعلنوا رفضهم لتحويل الضحية إلى قاتلة كما حصل مع فاطمة التي تخلصت من عنف زوجها بقتله.
وقرأت عواضه نص الرسالة التي وجهتها "خ.س" إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، على قاب قوسين أو أدنى من المجلس النيابي، وبالتحديد في أقرب نقطة تسمح القوى الأمنية بولوجها، عند ساحة سمير قصير في وسط بيروت. وتعرض السيدة في رسالتها العنف الذي مورس بحقها في منزل ذويها، ومن ثم في منزل زوجها، لتتوجه إلى بري بالقول "وأترك لضميرك أن يقرّر أولويات عمل هذا المجلس، وما يجب عليه إنجازه قبل انتهاء ولايته. فحياتي وحياة بناتي أهم من كراسي النواب وهواجسهم الطائفية".
هنا نص الرسالة كاملاً كما قرأته عواضه نيابة عن السيدة "خ.س":
حضرة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري المحترم،
تحية وبعد،
أرسل إليك رسالتي هذه بعدما أُقفلت كلّ الأبواب أمام إمكانية حمايتي وحماية بناتي من العنف الأسري الذي تعرّضنا ونتعرّض له يومياً. ربما إذا خصّصت جزءاً بسيطاً من وقتك لتقرأ رسالتي فستدرك حينها حجم الخطر الذي يهدّد حياتي وحياة بناتي.

أنا امرأة لبنانية من الجنوب، كنتُ أعيش ضمن أسرة مفكّكة، بين أهل يفرّقون بين الشاب والفتاة. عندما تزوجتُ لم أرَ فرقاً كبيراً بين عائلتي وعائلة المدعو زوجي، المعاملة لم تتغيّر والمعادلة ما زالت هي هي "من الدلفة لتحت المزراب".
كنتُ أعمل وأشقى، وهو يجالس عشيقاته في البيت أثناء غيابي. أصبح يضربني أنا وأولادي بوحشية لا تُوصَف؛ كان يضرب الأولاد حتى الإغماء ثم يضعهم تحت الماء لإيقاظهم. أذكر ليلةً بدأ يضربني فيها ثم جرّني إلى المرحاض ووضع رأسي في «الجورة» ودعس على رقبتي، وظلّ يضربني من الساعة السادسة مساءً حتى الرابعة صباحاً، كسر يدي وجرّني إلى المرآة ووبخّني ثم سحبني إلى الفراش وأرضى غريزته.
حاول جارنا التدخّل فصّده قائلاً «زوجتي وأنا حرّ فيها». لجأتُ إلى القانون ولم ألقَ نتيجة. دخل إلى البيت وقال لي «لكِ مفاجأة بعد يومين». فهربتُ من البيت. أصبحتُ أنام في مدرسة كنت أعمل فيها لأنه لم يكن لي مكان ألجأ إليه. ذهبتُ إلى مدرسة أولادي للاطمئنان عليهم فلم يتجرّأوا على الاقتراب لأنه كان يهدّدهم بقطع رؤوسهم إذا رأوني أو تكلّموا معي. دخلت إلى المدرسة فرأيتُ أولادي في وضع مرعب. اصطحبتُ ابني إلى القضاء لأُريهم آثار الضرب على جسده، دُهش القاضي من ذلك المشهد وبادر إلى تبليغ المخفر وتوقيفه فورا. لم أرَ نتيجة من المخفر إلا عندما تدخّلَت أختي لكونها تعرف أحدهم فأوقفوه. بعدها جاء أخوه وتوسّل إلي فأسقطتُ الدعوى وخرج من السجن ورحل. بمساعدة منظمة «كفى» استطعت أن أحصل على الطلاق غيابيا.
دار الزمان وجاء دور ابني. هدّدني بالدرك. أوّل كلمة قالها: "إنني أتذكّر عندما كان أبي يضربنا ويضربكِ وتذهبين إلى الدرك وتبكين وتتوسلين إليهم… كانوا يقولون لكِ هذا ليس شأننا". في أحد الأيام لجأتُ إلى المخفر وأنا في حالة ذعر. أصبحوا يسخرون منّي ويقولون "أنتِ أمّه ولا تعرفين كيف تربّينه… فكيف نحن نربّيه؟"
لو كان لدينا قانون لما تجرّأ زوجي على ضربنا ولا ورث ابني ما ورثه عن أبيه من عنفٍ ووحشية.
دربي لم ينتهِ، صحيحٌ أنني تعلّمت من تجربتي المريرة مواجهة العنف، ولكنّ حملي ما زال ثقيلاً. أحاول بشتى الوسائل إقناع ابني بالمتابعة النفسية ولكنّه حتى اليوم يرفض لأنه لا يعتبر نفسه بحاجة إلى ذلك.
حضرة الرئيس، «هيدي حكايتي حكيتها»، وأترك لضميرك أن يقرّر أولويات عمل هذا المجلس وما يجب عليه إنجازه قبل انتهاء ولايته. فحياتي وحياة بناتي أهم من كراسي النواب وهواجسهم الطائفية.
أختم رسالتي بقولكم الشهير "وإن نسيتم فالناس لن تنساكم".
 

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية ، حراكات اجتماعية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني