قراءة اولية في الحركة القضائية 2014-2015 في تونس


2014-07-25    |   

قراءة اولية في الحركة القضائية 2014-2015 في تونس

اعلنت الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي مساء يوم 24-7-2014 عن الحركة القضائية لسنة 2014-2015. ويتزامن تاريخ الاعلان عن الحركة مع بداية العطلة القضائية التي تدوم شهرين ابتداء من 16 جويلية من كل سنة. ويبين معيار تاريخ الحركة أن هيئة القضاء العدلي تمكنت من النجاح في تطوير ادائها مقارنة بالسنة الماضية التي تزامن اعلان حركتها فيها مع نهاية العطلة القضائية اي بتاريخ 13-9-2013. كما يسجل ذات التطور بالمقارنة مع الحركات القضائية التي كان يتم اجراؤها قبل الثورة والتي كان يعلن عنها غالبا خلال شهر اوت من كل سنة. ويشار هنا الى ان الاخبار التي راجت في الاوساط القضائية تؤكد ان اعضاء الهيئة نجحوا في اعداد الجزء الاكبر من حركتهم قبل نهاية السنة القضائية واضطروا لتاجيل الاعلان عنها لحين صدور نتائج تخرج الملحقين القضائيين بالمعهد الاعلى للقضاء. ويفسر النجاح في التوصل للالتزام بمطالب القضاة وهياكلهم بسرعة اصدار الحركة القضائية في آجال تراعي مصلحة القضاة ومصلحة العمل بالتزام الهيئة بمنهاج علمي في اعداد الحركة قوامه القواعد الموضوعية والمعايير الشفافة في الترقيات والتنقلات المعدة سلفا. فقد تولت هيئة القضاء العدلي بمناسبة الاعداد للحركة القضائية الاعلان عن معايير موضوعية يبدو انه كان لها الدور الاهم في تسهيل عملها.

 وشملت الحركة القضائية المعلنة 844 قاضيا بما يجعلها تقارب من حيث اهمية عدد القضاة الذين شملتهم الحركة القضائية لسنة 2013-2014 والذي بلغ 781 قاضيا. غير ان ما ميز هذه الحركة عن كل الحركات القضائية التي سبقتها انه تم بمناسبتها ولاول مرة في تاريخ القضاء التونسي استبعاد احكام الامر العلي المؤرخ في 19-2- 1959 والذي يسند لرئيس المحكمة العقارية صلاحية اجراء الحركة الداخلية للمحكمة ليتم فرض ولاية الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي على الحركة الداخلية للمحكمة العقارية. وتكون بذلك هيئة القضاء العدلي قد تفاعلت ايجابيا مع الانتقادات التي وجهها لها القضاة في السنة الماضية بسبب اهمالها لحركة قضاة المحكمة العقارية رغم اهمية عددهم واهمية عدد فروع المحكمة العقارية والتي تتجاوز الستة عشر فرعا تمتد على كامل تراب الجمهورية.  

وتم بموجب الحركة القضائية ترقية 114 قاضيا من الرتبة الاولى الى الرتبة الثانية يشكلون مجموع القضاة الذين قضوا احدى عشرة سنة كاملة بالرتبة الاولى وجزءا هاما من القضاة الذين قضوا عشر سنوات كاملة بالرتبة الأولى. كما تمت ترقية 70 قاضيا من الرتبة الثانية الى الثالثة وهم ممن قضوا ثمانية عشر عاما من العمل القضائي منها ست سنوات بالرتبة الثانية وفق المعايير التي التزمت بها الهيئة في اعدادها للحركة. وكرست بالتالي الحركة القضائية بشكل هام مبدأ الترقية الآلية للقضاة، الا ان اشتراط مدد للترقية تتجاوز المدد المحددة قانونا يبرز ظاهرة الرسوب القضائي ولو  بشكل محدود بما  يمنع من التصريح بالارساء الكامل لمبدأ الترقية الآلية.كما يلاحظ ان استحداث محكمتي الاستئناف بسيدي بوزيد والقصرين تسبب في حالات شغور هامة بالرتبتين الثانية والثالثة بما سمح بزيادة عدد القضاة الذين شملتهم الترقية خصوصا من الرتبة الأولى الى الثانية.

كما مست الحركة القضائية المعلنة على خلاف الحركة القضائية للسنة المنصرمة عددا هاما من الخطط القضائية السامية. فقد تم بموجبها تعيين مدير عام للدراسات والتشريع ومدعيا عاما للشؤون المدنية بوزارة العدل. كما شملت 36 خطة قضائية مخصصة لرؤساء الدوائر بالتعقيب و33 مسؤولا قضائيا أول بمحكمة (محاكم ابتدائية ومحاكم استئناف) منهم عشرين رئيس محكمة وثلاثة عشر ممثل ادعاء عام .فيما تم بموجبها نقل وترقية اكثر من 215 قاضيا من قضاة الرتبة الثالثة و228 قاضيا من الرتبة الثانية و401 من قضاة الرتبة الاولى منهم مائتي ملحق قضائي.

أما فيما تعلق بالنقل من محكمة الى  أخرى،  فيبدو  انها تمت في اغلبها في سياق تحقيق الطلبات بما يؤكد الالتزام القانوني بمبدأ عدم نقلة القاضي بدون رضاه. غير ان عددا من النقل التي اقترنت بترقية من رتبة الى اخرى يظهر انها اتخذت بدون ارادة المعنيين بها وفي سياق مبدأ مصلحة العمل. ولم يتضمن في مقابل ذلك نص الحركة القضائية اشارة  الى خصوصية تلك النقل، وكان يفترض ان تتضمن الحركة اشارة صريحة لذلك لتضمن حق من تمت نقلتهم دون رغبتهم في العودة لمقرات عملهم الاصلية في بحر الاجل القانوني أي خلال السنة القضائية الموالية.كما تكشف قراءة اولية للحركة القضائية عن وجود مؤشرات لاستعمال الحركة القضائية كوسيلة للعقاب خارج مجلس التأديب، وان كانت تلك الحالات معدودة الا انها تعد انحرافا بالاجراءات وتعيد للحركة القضائية دورها العقابي الذي يفترض ان يتم القطع معه.

وتعد رغم الملاحظات السابقة الحركة القضائية المعلنة خطوة هامة في اتجاه دمقرطة المؤسسات القضائية. كما انها علامة هامة من علامات نجاح الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي في تطوير عملها خصوصا وانها حركة شملت مختلف الرتب القضائية وسعت للملاءمة بين معايير الاقدمية والكفاءة في اسناد الخطط القضائية والى تكريس الحق في الترقية كحق للقاضي يضمنه تطبيق مبدأ الترقية الآلية.
 
 
للاطلاع على النص الكامل للحركة القضائية لسنة 2014-2015، يراجع المستند المرفق ربطا.  

الصورة منقولة عن موقع www.attounissia.com.tn

انشر المقال

متوفر من خلال:

استقلال القضاء ، مقالات ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني