الحمل على انتحار عاملات المنازل، حين يفتح التحقيق في جريمة ملف الاستغلال برمته


2013-10-21    |   

الحمل على انتحار عاملات المنازل، حين يفتح التحقيق في جريمة ملف الاستغلال برمته

أقدمت منظمة "كفى عنف واستغلال" بواسطة المحامية موهانا اسحق، على خطوة هي الاولى من نوعها في قضايا العاملات في الخدمة المنزلية، تتمثل بالادعاء على صاحبة العمل بجرم "الحمل على الانتحار" المنصوص عنه في المادة 553 من قانون العقوبات اللبناني[1]. وتبين ان تيغيس، وهي عاملة في الخدمة المنزلية من الجنسية الاثيوبية، كانت تعمل لدى احدى العائلات اللبنانية، وكانت تتعرض حسب قولها للضرب والاعتداء عليها وتحرم من الطعام والخروج من المنزل. وقد بدا لها أن الانتحار هي الوسيلة الوحيدة للتخلص من الاستغلال والاستبداد الذي يوفره نظام "الكفالة".
وتبرز أهمية هذه الدعوى في جوانب عدة:
الجانب الأول، وقد كنا لفتنا اليه في قضية الكنسدر (العاملة التي قضت نحبها بعد سقوطها من شرفة المنزل التي كانت تعمل به)، ومفادها أن اثبات الانتحار أو محاولة الانتحار كواقعة لا يسمح بحد ذاته بإغلاق الملف كما حصل حتى الآن في جميع قضايا انتحار عاملات المنازل. ففي ظل الروايات المتواصلة عن حجم الاستغلال اللاحق بهذه العاملات، يتعين على الحق العام أن يتحرى فيما اذا كان هنالك أسباب من شأنها ان تفتح التحقيق في ظروف العمل والمعيشة التي كانت تخضع لها العاملة المنتحرة أو التي نجت من الانتحار. ومن هنا تأتي الدعوى بمثابة محاولة لقلب النهج المعتمد من قبل النيابات العامة والقوى الامنية والمتمثل بطي القضية (قضاء وقدر) والذي نراه بوضوح في هذه القضية حيث ظلت العاملة، وفقا لما صرحت به المحامية موهانا اسحق "للمفكرة القانونية"، تنتظر طيلة شهر على سرير في مستشفى الكرنتينا دون ان يفتح لها أي تحقيق – حتى يومنا هذا -على الرغم من قيام ادارة المستشفى بإبلاغ المخفر. ومن هذا المنطلق، تتحول كل قضية انتحار الى سؤال كبير: الى أي مدى، شكلت ظروف الاستغلال دافعا الى الانتحار؟ وبهذا المعنى، من شأن المادة 553 عقوبات أن تحول كل انتحار أو محاولة انتحار الى مناسبة لمحاكمة لا انسانية شروط العمل بأكملها. وبالطبع، أسئلة كهذه تتطلب مشاركة ليس فقط الحقوقيين، انما أيضا الباحثين في العلوم الاجتماعية والانسانية، وفي مقدمهم الباحثين والاختصاصيين في علم النفس. 
أما الجانب الثاني الناجم عن ظروف القضية، فهو يتمثل بأنه وفق وكيلة العاملة، لصاحبة العمل المدعى عليها سوابق في تعنيف العاملات في الخدمة المنزلية وأنه رغم ذلك عادت وزارة العمل ووافقت مجددا بأن ترخص لعاملة منزل أخرى بالعمل لديها.
في أقل من اسبوع، تناقلت وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، خبرين، احدهما عن مقتل عاملة بنغلادشية (يزعم الخبر ان تم رميها من الطابق السادس حيث تعمل) والخبر الاخر عن محاولة انتحار عاملة اثيوبية في الخدمة المنزلية عبر رمي نفسها من الطابق الخامس حيث تعمل، فهل تعي النيابات العامة ومعها الاجهزة الامنية ان زمن الرق ولى، فتولي العاملات ما يستحقن من عدالة؟



[1] المادة 553-من حمل إنساناً بأي وسيلة كانت على الانتحار أو ساعده، بطريقة من الطرق المذكورة في المادة  219- الفقرات الأولى والثانية والرابعة- على قتل نفسه، عوقب بالاعتقال عشر سنوات على الأكثر إذا تم الانتحار.
بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين في حالة الشروع في الانتحار نجم عنه إيذاء أو عجز دائم.
وإذا كان الشخص المحمول أو المساعد على الانتحار حدثاً دون الخامسة عشرة من عمره أو معتوهاً طبقت عقوبات التحريض على القتل أو التدخل فيه.
انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني