نظام الحماية من الايذاء في السعودية: نظام من دون آليات تنفيذية، وحمّال للشيء ونقيضه


2013-09-06    |   

نظام الحماية من الايذاء في السعودية: نظام من دون آليات تنفيذية، وحمّال للشيء ونقيضه

اقر مجلس الوزراء السعودي، بتاريخ 26 اغسطس 2013،نظاما خاصا للحد من الايذاءيصبح ساري المفعول بعد تسعين يوما من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.ورغم أنه اصطلح على تسميته ب"قانون العنف الاسري"، يلحظ أنه لم يقتصر فقط على العنف المنزلي بل تعداه ليشمل مكان العمل، فالإيذاء هو "كل شكل من أشكال الاستغلال، أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية، أو التهديد به، يرتكبه شخص تجاه شخص آخر، بما له عليه من ولاية أو سلطة أو مسؤولية، أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة إعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشية”. والى الايذاء،يعاقب النظام أيضا إساءة المعاملة التي "هي امتناع شخص أو تقصيره في الوفاء بواجباته أو التزاماته في توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر من أفراد أسرته أو ممن يترتب عليه شرعاً أو نظاماً توفير تلك الحاجات لهم".والهدف المعلن للقانون الجديد هو توفير الحماية من الايذاء بكافة اشكاله وتقديم المساعدة والمعالجة وتوفير الايواء والرعاية النفسية والاجتماعية والصحية، كما يلزم كل من اطلع على حالة ايذاء بالتبليغ عنها فوراً، فضلاً عن نصه على عقوبات بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة وغرامة لا تقل عن 5 الاف ريال (1300 دولار) ولا تزيدعن50 ألف ريال (13 ألف دولار).

ورغم ترحيب نشطاء حقوقيين[1]وبعض مؤسسات المجتمع المدني المقربة من البلاط الملكي بهذه الخطوة حيث كان العنف في المنازل شأناً خاصاً في السابق بسبب عدم وجود قانون بهذا الشأن، الأ انهم تساءلوا حول مدى فاعليته في ظل الوصاية الذكورية المسيطرة في البلاد، وخصوصاً انه يحوي على الكثير من النواقص حيث جاء مقتضباً واغفل الكثير من التفاصيل مما يطرح العديد من الشكوك حول فاعليته في حالته الراهنة.ويلحظ أن النظام لم يذكر قط النساء أو الأطفال أي الفئات الأكثر عرضة للإيذاء والإساءة. 

كما يلحظ استخدام تعريفات مطاطة مما قد يترك الباب واسعاً للاجتهاد. فتعريف إساءة المعاملة على أنه امتناع شخص عن الوفاء بواجباته في توفير الحاجات الأساسية لشخص آخر (مثال: الامتناع عن مجامعة الزوج) من شأنه أن يؤدي في حالات شائعة الى تبرير الايذاء المرتكب من شخص آخر من خلال اظهاره كردة فعل مشروعة على إساءة المعاملة "النفسية"، كأن يستعمل الزوج العنف ضد زوجته على خلفية رفضها مجامعته أو مخاطبته بطريقة غير لائقة. فوفق النظام، تكون المرأة في هذه الحالة مسؤولة عن إساءة المعاملة فيما يكون الزوج في موقع رد الفعل المشروع. وما يعزز هذه المخاوف هو خلو القانون من أي إشارة الى الاغتصاب الزوجي أو الاكراه على المجامعة أو أي من أفعال العنف المرتكبة من الزوج الأكثر شيوعا.
وما يستوقفنا بشدة هي المادة التاسعة من النظام التي تنص على مراعاة" الاّ يترتب على اللجوء الى اي من الوسائل المستخدمة لمعالجة الايذاء ضرر أشد على الضحية أو أن يؤثر بذلك على وضعه الاسري او المعيشي، مع اعطاء الاولوية للتعامل مع الحالة للإجراءات الارشادية والوقائية". وإذا عطفنا هذه المادة على المادة السابعة من النظام التي تشير الى العمل على توفير التوجيهات والارشادات لمعالجة الحالة في اطارها الاسري إذا أمكن ذلك، واستدعاء الاطراف واخذ التعهدات اللازمة التي تكفل توفير الحماية، فان ذلك يوحي بإمكانية تغليب الصلح والتسوية في التعامل مع الاعتداءات.ومن المعلوم أن هذه الوسائل التقليدية هي التي تتبع حالياً بحسب مدونة حقوق المرأة االسعودية.ويخشى بالواقع أن يؤدي اعمال بنود النظام في ظل المنظومة الأخلاقية السائدة الى مراعاة "الإطار الاسري" على حساب أمن المعتدى عليهم بحيث تعاد الضحية للجاني لممارسة العنف عليها مجدداً،وخصوصاً في ظل قانون الولاية المطبق على النساء، مما يثنيهن طبعا في نهاية الامر عن تقديم الشكوى بسبب ما قد ينتج عنها من مضاعفات.

الى ذلك، طرحت عدد من المنظمات أسئلة حول امور عملية من شأنها أن تشكل العائق الاكبر على النساء والاطفال والعمال "بالكفالة" في التبليغ عن الاعتداءات التي يتعرضون لها[2].ففي ظل القوانين الحالية يتعين على المرأة الحصول على موافقة ولي أمرها للجوء الى القضاءوالتقدم بالإجراءات القانونية والقيام بالأعمال والسفر، بالإضافة الى عدم السماح لها بالقيادة التي تسمح لها بالوصول الى مراكز الشرطة في الأساس. كما لا يستطيع العامل بنظام الكفالة، ضحية الايذاء، ان يغادر البلاد دون جواز سفره المصادر من كفيله.مما حدا بمنظمة هيومن رايتس ووتش على التصريح بانه إذا كان ثمة إرادة فعلية لأن يكون النظام الجديد فعالاً، فعلى السعودية إلغاء نظام ولاية الرجل والقواعد غير العادلة التي تنظم عمل العمال الوافدين وتهمة "عقوق الوالدين" والتلويح بتهم "الزنا" تجاه النساء في بعض الحالات وما الى ذلك من مؤسسات تمييزية تمكن من وقوع هذه الاساءات.
وأكثر من ذلك، فقد أناط النظام ب"جهة مختصة" سلطة تولي البلاغات واحالة المعتدين واتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان سلامة من تعرض للإيذاء، من دون أن يحددها، مما قد يخلق تضاربا في آليات العمل بين الجهات المختلفة ويشكل عائقاً عملياً امام تطبيق هذا القانون.وهذا ما أشارت اليه الجمعية الوطنية لحقوق الانسان في السعودية، التي شاركت في إعداد هذا القانون. فبعدما بينت أن اقرار النظام يشكل خطوة هامة لإنهاء التعدي وانتهاك الحقوق لشريحة واسعة من المجتمع، عقبت مصرحةً ب"ضرورة إصدار اللائحة التنفيذية للنظام عاجلاً لتطبيقه والاستفادة منه." بكلمة أخرى، النظام هو خطوة أولى ترمي الى تجميل صورة النظام السعودي في تعاطيه مع المظالم الأسرية من دون أن يكون لها حتى الآن أي نتائج عملية واضحة.
 



[1]بالاضافة الى ذلك:
أ‌-         رأت «هيئة حقوق الإنسان» السعودية أن «نظام الحماية من الإيذاء» هو استكمال للمنظومة الحقيقية لوضع القواعد النظامية التي تنظـــم شـــؤون حياة المجتمع وتوفر الحماية من العنف في شتى أنواعه.
 
ب‌-      رأى المحامي والمستشار القانوني ،بدرالروقي، عضو "اتحاد المحامين العرب" أن إقرار المشروع يُعد خطوة متقدمة وتطوراً كبيراً في سبيل الحد من عملية الإيذاء التي انتشرت أخيراً.
 
«نظام الحماية من الإيذاء»… خطوة سعودية متقدمة حقوقياً
http://alhayat.com/Details/548385
 
ت‌-      قال  سكرتير العام للجمعية الوطنية لحقوق الانسان لرويترز ان القانون جيد ويخدم قطاعات كبيرة من المجتمع السعودي بينها النساء والأطفال والخادمات
الحماية من الإيذاء أول قانون ضد العنف المنزلي في السعودية
http://www.azzaman.com/?p=42677
 
[2]أ-وثقت هيومن رايتس ووتش في تقريرها "قاصرات إلى الأبد" ان نظام ولي الأمر والفصل الصارم بين الرجل والمرأة يحدان من قدرة النساء على المشاركة في الحياة العامة. هذا النظام التمييزي يمنع النساء والفتيات من السفر أو إجراء الأعمال الرسمية أو الخضوع لبعض الإجراءات الطبية دون موافقة ولي الأمر. لا يمكن للنساء القيادة في السعودية.
هيومن رايتس ووتش: قانون  جديد يجرم العنف الاسري
http://www.hrw.org/ar/news/2013/09/03-0
 
 
ب-شددت هيئة حقوق الانسان السعودية  على«اتخاذ الخطوات اللازمة وسن أنظمة تحمي القاصرين والقاصرات من تعصب صاحب الولاية، مثل تحديد سن الزواج، وتفعيل نظام الهيئة العامة للولاية على القاصرين ومن في حكمهم».
 
نظام الحماية من الإيذاء»… خطوة سعودية متقدمة حقوقياً
http://alhayat.com/Details/548385
 
 
ج-وقالت الناشطة المدافعة عن حقوق المرأة، سعاد ابو دية ، "إن الوصاية الذكورية التي لا تزال تسيطر على العلاقات بين الجنسين في السعودية ستظل عائقا كبيرا أمام تطبيق القانون."
السعودية تقر قانونا يحظر العنف الأسري
bbc.in/185Np0c

الصورة منقولة عن صفحة "حقي كرامتي دعوة للتضامن مع حقوق المرأة السعودية" من موقع facebook

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، بلدان عربية أخرى



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني