وقفات تضامنية مع منال ضو في مختلف المناطق اللبنانية وفتوش يرد: هذه محاولة للنيل من مواقفي الوطنية وسياستي الانقاذية


2014-10-24    |   

وقفات تضامنية مع منال ضو في مختلف المناطق اللبنانية وفتوش يرد: هذه محاولة للنيل من مواقفي الوطنية وسياستي الانقاذية

في بلد يعيش منذ سنوات على ثالوث الفساد والتعطيل والتمديد، لا يستحي نائب في مجلس الشعب ان يتعرض لمواطنة بالضرب أو أن يهددها به، في حين من المفروض انه يمثل صوتها في مجلس الأمة، ثم يخرج الى الإعلام ليحاضر بالعفة، ليس ذلك وحسب بل لا يتردد بإعطاء نفسه الحق بأن يكون في موقع الضحية وان يشير  الى حقه برفع دعوى بحق..
 
فقد أطل النائب نقولا فتوش بتاريخ 23/10/2014 في مؤتمر صحفي ليشرح ملابسات ما حدث معه في حادثة التعرض للموظفة بقلم الشكاوى في قصر العدل ببعبدا، منال ضو، واضعاً ما جرى في خانة "الاشكال البسيط المفتعل، وجوهره النيل من مواقفه الوطنية السياسية الانقاذية"، كيف لا وهو الأب الروحي لمشروع حرمان المواطن اللبناني من أبسط حقوقه، ونعني بذلك مشروع " التمديد"؟ 
 
كلام فتوش جاء رداً على وقفات تضامنية نفذها موظفو القطاع العام في ذلك التاريخ في عدد من المناطق اللبنانية، رداً على الاعتداء الذي تعرضت له، منال ضو، من قبل النائب نقولا فتوش نهار الاثنين 20/10/2014. فقد دعت "رابطة موظفي الإدارة العامة" الى المشاركة  بإعتصام تضامني مع موظفة قوبلت بالعنف لمجرد انها كانت تقوم بواجبها على أكمل وجه ورفضت الانسياق الى مسلسل الوساطة و"البرستيج" الذي يفرض تفضيل حضرة "المسؤول" على المواطن العادي.
 
وتلبية للدعوة تلك، توقف الموظفون في  قصر العدل ببعبدا عن العمل وامتنعوا عن استقبال المعاملات واتجهوا للمشاركة بوقفة احتجاجية مع زميلة لهم، تعرضت لحادثة بالامكان ان تتكرر مع اي فرد منهم. وقد شارك بهذه الوقفة ممثلون عن هيئة التنسيق النقابية. وقد حضرت منال ضو، حيث كانت لها كلمة مقتضبة امام وسائل الاعلام، خلفت وراءها العديد من علامات الاستفهام، فقد شكرت ضو في حديثها كل من وقف معها وتضامن مع قضيتها مشيرة الى ان فتوش "حاول ضربها" و "لم يضربها كما كان معروفا لدى الناس"، وشددت  على ان لا "لفلفة للموضوع"، موضحة ان القرار يؤخذ بعد مراجعة العائلة والمحامي ورئيسها في العمل ، وختمت: "المسألة اصبحت عند القضاء ونحن تحت القانون ".
 
كذلك  كانت هناك  وقفة تضامنية مماثلة امام قصر العدل في بيروت شهدت مشاركة خجولة من قبل المجتمع المدني على الرغم من انه تمت الدعوة الى هذا التحرك التضامني من قبل عدد من الجمعيات وتم ذكره عبر وسائل الاعلام. فقد غابت الجمعيات والهئيات النسائية التي تعنى عادة بقضايا المرأة وربما حضر ممثل او اثنان من بعضها وذلك  في محاولة "لحفظ ماء الوجه".
 
وحدها الناشطة والمناضلة ليندا مطر كانت الممثلة الأبرز لتاريخ من النضال الوطني في سبيل الدفاع عن حقوق المرأة وقد ألقت كلمة استنكرت فيها ما جرى مع منال لافتةً الى مشاركة الرجال في الوقفة التضامنية متمنية ان يكون ذلك خطوة أولى في تاكيد المساواة بين المراة والرجل في الحقوق والواجبات.
 
بعدها كانت هناك بعض الكلمات التضمانية مع ما تعرضت له منال ضو، حيث ألقت نسيمة الريحاني كلمة، استنكرت فيها باسم رابطة الموظفين ما حصل وقالت:"ما حصل في قصر العدل وهو سابقة خطيرة ومعيبة فقصور العدل هي ملجأ للمعتدى عليهم والمظلومين وليس مكانا للاعتداء. نحن مساعدون قضائيون لن نسمح  ان ينال من كرامتنا احد ،كائناً من كان وبالتالي نثمن غاليا موقف وزير العدل، متأكدين انه لن يسمح بمرور هكذا فعلة".
 
تابعت:"ان السلطة القضائية هي ميزان هذا البلد وهي الحق ولن نسمح بالتطاول عليها. ان رابطة الموظفين همها الادارة العامة وكرامة الموظف والوظيفة وتبقى الامور الأخرى مسارا مكملا لاتمام وظيفتنا".
 
كما القى رئيس رابطة الموظفين د. محمود حيدر كلمة جاء فيها:" ان اعتصامنا اليوم هو للدفاع عن كرامة الموظف واستنكاراً لهذا العمل المشين والاعتداء الذي نفذه نائب في البرلمان اللبناني ومحام منتسب الى نقابة المحامين. هذا العمل شكل سابقة خطيرة تحصل لاول مرة في تاريخ الجمهورية اللبنانية من شخص غير عادي لنقول ان هذا الاعتداء على زميلتنا شكل اهانة واضحة لأطراف عدة اولها اهانة القضاء حيث حصل هذا الاعتداء في وضح النهار في قصر العدل المكان الذي من المفروض ان ترفرف العدالة فيه فوق الجميع".
 
واعتبر حيدر، انه كان من واجب القضاء:"ان يتحرك تلقائيا بحكم الجرم المشهود بما ارتكبه فتوش وملاحقته ومعاقبته. كما شكل هذا الاعتداء اهانة للمجلس النيابي الذي ينتمي اليه هذا النائب وكان يجب على المجلس النيابي وكنا قد تمنينا على الرئيس نبيه بري ان ياخذ هذا الامر على محمل الجد وان يلاحق هذا النائب ويسائله ويحاسبه لان عمله شكل اساءة واضحة لكل النواب اللبنانيين". وختم مؤكداً الوقوف الى جانب منال واهلها في الشكوى التي سيقدمونها ضد النائب فتوش.
 
ليس الحضور الخجول وحده هو الذي ساد في باحة الاعتصام، بل الخوف ايضاً لدى معظم المعتصمين لاسيما العنصر النسائي حيث ترددت بعض المشاركات بالإدلاء بآرائهن حول ما جرى مع زميلة لهن في العمل، حتى ان من تشجعت على الكلام امتنعت عن ذكر اسمها تحت ذريعة "انا موظفة في الدولة ولا اريد ان أخسر عملي".
 
وقالت احداهن، ان مادفعها للمشاركة بالدرجة الاولى ان الموضوع هو نسائي بامتياز وان اي نائب بامكانه ان يتصرف على هذا النحو، "جميعنا معرضون"، علما انها رأت ان" الاذلال والأذى المادي الذي اصاب منال نحن نتعرض له معنويا منذ سنوات  من قبل مجلس نيابي ممدد لنفسه وحالتنا هذه لا تقل سوءاً عما جرى مع منال. من هنا ، فإنها فرصة للتعبير عن رفضنا لهؤلاء النواب ولسلوكهم الشاذ الممارس علينا دون خجل".
واعتبرت موظفة أخرى ان سلوك النائب فتوش هو سلوك غير حضاري وهو يشير الى ان من يتولون الوصاية على الشعب غير أهل لهذه المهمة معتبرة ان ما فعلته منال كان تصرفاً صحيحاً لو كانت في بلد غير لبنان، لأنه في الدول المتقدمة لا يحتاج النائب لان ينبهه أحد لضرورة الوقوف في الصف. وقد تمنت هذه الموظفة من منال ان تتابع قضيتها حتى النهاية ان استطاعت ذلك ولم تعترضها عوائق متوقعة في بلد مثل لبنان.
وعلى عكس الاعتصامات التي يدعو اليها المجتمع المدني في مجمل القضايا التي تطال المواطن اللبناني، فقد كان من الصعوبة بمكان العثور على ناشط في إحدى الجمعيات يشارك في هذه الوقفة، وحدهم شباب "من أجل الجمهورية"، كان بالإمكان ملاحظاتهم من خلال اليافطات المستنكرة لما جرى مع منال وعن ذلك يتحدث مروان معلوف قائلا:"ان ما حصل من تعدٍ على موظفة في الدولة اللبنانية، من قبل نائب ممدد لنفسه،  يعني دون ادنى شك،  ان هيبة الدولة اصبحت في الارض. من هنا نحن كمجموعة تعمل على المحافظة على هيبة الدولة لبينا دعوة رابطة موظفي القطاع العام للوقوف في وجه هكذا تعدٍ من المفروض ان يؤدي بمفتعله الى التوقيف وربما الحبس".
 
واكد معلوف على رفض قيام منال بالاعتذار مشجعا اياها على الاستمرار بالدعوى، قائلاً:"هناك اجراءات قانونية يمكن ان تتخذ بحق فتوش وذلك من اجل محاسبته  ليكون عبرة لكل مسؤول ليعرف ان لا احد اعلى من احد وان هناك دولة وادارة عامة يجب احترامها".
 
بدورها قالت عصمت فاعور، من المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين ان:"ما تعرضت له منال ليس مجرد اعتداء جسدي وانه اعتداء على موظفة في الادارة العامة كانت تمارس مهامها الوظيفية، وبالامكان وضع هذا السلوك في خانة التشبيح والبلطجة وهذا قمة العار. جئت اليوم بصفتي امراة وموظفة لاستنكر مع جرى مع منال وارى ان هذا هو واجب كل مواطن، وبكل الاحوال سواء رفعت منال الدعوى او تراجعت عنها من المفروض ان هناك حقا عاما يفرض محاسبة هذا النائب". 
 
أما زينب ياسين فرأت ان مشاركتها في الاعتصام يأتي في سياق التضامن مع انثى تم الاعتداء عليها وقالت:"ان ما حصل خطأ فادح فالاعتداء كلاميا مرفوض فكيف بالاعتداء الجسدي ومن قبل نائب المفترض ان يكون على درجة من الوعي والرقي تمنعه من القيام بهكذا فعل مشين لمجرد انها طلبت منه ان يقف بالدور. مع العلم ان كونه نائب يحتم عليه ان يكون القدوة وان يبادر هو للالتزام بالنظام والقوانين. ان ما حصل هو امر غير مقبول وكنت آمل مشاركة اوسع للسيدات حتى ربات البيوت لان اي امراة فينا معرضة لان تكون مكانها".
 
لكن على الرغم من ان اعداد المشاركين في الوقفة التضامنية لم يكن ضخماً الا ان ذلك لم يمنع  الرسالة من ان تصل أقلها للنائب المعتدي نقولا فتوش الذي لم يتوان خلال مؤتمره الصحافي عن شن هجوم على المشاركين بالاعتصام الذين ارادوا الدفاع عن حق مواطنة لبنانية اولاً وموظفة ثانياً اعتدى عليها قائلاً لهم انه لو كان هناك سلطة لاتخذت إجراءات بحقكم.
 
أخطأ النائب نقولا فتوش عندما ظن ان موقعه كممثل للشعب، يمنحه الافضلية في المعاملة وان منصبه هو بطاقة مرور تخوله تخطي "الطابور" لمجرد انه "نائب". كما اخطأ حين ظن ان الحصانة التي يتمتع بها تبيح له الإعتداء على موظفة  تؤدي واجبها سواء اكان هذا الاعتداء جسدياً ام من خلال الكلام . الا ان الامر الوحيد الذي أصاب به في مؤتمره الناري هو افتقار البلد للسلطة، فكيف تكون للدولة سلطة قائمة ومعتبرة وفيها نائب يظن ان البلد غابة تسرح فيها كساراته وتمرح فيما يطبق هو شريعة الغاب حيث "البقاء للأقوى". 

الصورة من أرشيف المفكرة

 
انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، حراكات اجتماعية ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني