بادرة أولى لإنشاء هيئة سلامة الغذاء


2016-09-03    |   

بادرة أولى لإنشاء هيئة سلامة الغذاء

غلاف العدد 40 للمفكرة حمل العنوان الآتي: “حبوب القمح ترسم طريق الخروج من الغابة”. وقد أضأنا في العدد المذكور على المبادرة التي قامت بها “فرح العطاء” بدعم من جمعيتي “حماية المستهلك” و”المفكرة القانونية” ومجموعة من المحامين المتطوعين في قضية فساد القمح. وإذ أدّت هذه المبادرة بدايةً إلى تعيين خبراء لكشف الحقائق بتكليفٍ من القضاء، فإنها رسمت لنفسها هدفاً واضحاً: الضغط لإصدار مرسوم إنشاء الهيئة اللبنانية لسلامة الغذاء. فمهما كانت أهمية عمل القضاء، فإنّ دوره يبقى دوراً رائداً، مكمّلاً، وفي هذه الحالة منبّهاً وضاغطاً، وليس له بحالٍ من الأحوال أن يحلّ محلّ الهيئة التي أنيطت بها مهمّة ضمان سلامة الغذاء. بذلك، بدت المبادرة وكأنها تهدف من خلال قضية قضائية إلى تعزيز الوعي العامّ بشأن سلامة الغذاء، وصولاً إلى انتزاع مكسب جديد في بناء المنظومة الحمائيّة لها.

في موازاة الجهود القضائيّة، دعت المنظمات الثلاث إلى أربع وقفاتٍ رمزيّة لأربعة أسابيع متتالية أمام رئاسة مجلس الوزراء في مواعيد انعقاد المجلس، للمطالبة بإنشاء الهيئة وفق معايير الكفاءة. في الأسبوع الرابع، وتحديداً في 11-8-2016، وافق مجلس الوزراء على إطلاق الهيئة اللبنانية لسلامة الغذاء، وذلك عن طريق وزارة التنمية الإدارية، مبرّراً ذلك برغبته بتعيين أشخاص أكفّاء قادرين على القيام بالمهمة المطلوبة. في هذا السياق، وجّهت “المفكّرة” أسئلتها للوزير نبيل دو فريج بهدف معرفة الآليّة التي ستعتمدها وزارته في تعيين أعضاء الهيئة، وكيفية تجنّب الوقوع في شرخ المحاصصة. ورغم تأكيد دو فريج خلال المقابلة أن باب الترشّح سيكون مفتوحاً ابتداء من 22-8-2016 كحدٍّ أقصى، يسجّل أنه حتى 29 آب، لم يتم إدراج أيّ وظيفةٍ شاغرة مرتبطة بالهيئة على موقع الوزارة.

وللتذكير، كان قانون سلامة الغذاء صدر في تشرين الثاني 2015، في ظلّ حملة سلامة الغذاء التي قادها وزير الصحة العامّة وائل أبو فاعور. وأبرز ما تضمّنه هذا القانون، إنشاء هيئة وطنية تضمن إعمال الرقابة الشاملة والتنسيق بين مختلف الوزارات المعنية، فلا تضيع الطاسة ومعها المسؤوليات. إذ أن سلامة الغذاء لا تتحقق بموجب قانون حماية المستهلك وحده، بل هي تفترض رقابة شاملة على مختلف المراحل التي تمرّ بها السلعة الغذائية قبل وصولها إلى المستهلك. إلا أن الحكومة ما لبثت تتأخّر في إقرار المراسيم التنفيذية لهذا القانون، ومن أهمها إنشاء الهيئة، على غرار تأخّرها في إقرار المراسيم التنفيذية لعدد كبير من القوانين، وخصوصاً القوانين الآيلة إلى تكريس حقوقٍ إجتماعيّة. وفي أواخر 2014، أنشئت لجنةٌ نيابيّة غير دائمة  ad hocلمتابعة تنفيذ القوانين، بعدما “راع” النواب عدد القوانين التي تُعرض الحكومة عن اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان تنفيذها. وقد باشرت اللجنة عملها على أساس 30 قانوناً ارتفع عددها في ما بعد إلى 33. ورغم أهمية هذه الخطوة على صعيد تفعيل الدور الرقابيّ للنوّاب، فإنه لم يعلن منذ ذلك الحين عن أيّ نتائج إيجابيّة لعملها[1]. فعسى يجد قانون سلامة الغذاء طريقه إلى التنفيذ.

نشرت هذه المقالة في العدد |42|آب/أغسطس 2016، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه :

وزير يتمرّد على قرارٍ قضائيّ: هذا المطار لي

 


[1] العدد 27 من المفكرة القانونية. وبشكل خاصّ، نزار صاغية، لجنة نيابية لمتابعة تنفيذ القوانين: مبدأ فصل السلطات، مساهمة تقنية أم ضمانة جديدة لسياسة السلة؟ وابراهيم شرارة، مقابلة مع ياسين جابر: هدفنا ملاحقة عمل الوزراء.
انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، اقتصاد وصناعة وزراعة



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني