عسكر وقضاة.. تركيا الجديدة تهندس نفسها


2016-08-15    |   

عسكر وقضاة.. تركيا الجديدة تهندس نفسها

أتى الانقلاب الفاشل كهدية للحكومة على طبق من فضة، وقدم لها إمكانية تغيير موظفيها بسهولة، كما فتح الباب أمامها لإعادة هيكلة المؤسسات وطرد من لا يواليها، تحضيراً لبسط نفوذها على مؤسسات الدولة كما في القطاع الخاص. فلا حكومة شرعية تريد انقلابيين يسعون لزعزعة استقرار البلاد في داخلها، ولا حكم تعرض لمحاولة انقلاب عنفية يتساهل، مبدئياً، في التعامل مع أخصامه. إلا أن كثرة الذين تعرضوا إلى العقاب، أكان عبر الاعتقال أو الإعفاء أو الفصل، تُبرز أعمال الحكومة كأنها قمعية وانتقامية أكثر من كونها دفاعاً عن أمن الأتراك وصوناً للقانون. من ناحية أخرى، ورغم ضخامة عدد الذين تمت معاقبتهم، والسرعة القياسية في انتقائهم، يبقى التغيير الأساسي هو الذي تعرّض وستتعرّض له أنظمة الأجهزة الرسمية التركية، ومنها أكثرها عراقة وأهمية.

المؤسسات العسكرية والأمنية والجهاز القضائي هي التي لديها، مقارنة مع بقية أجهزة الدولة، أكبر هامش من الحرية في التصرف والعمل. فأنظمتها السابقة كانت تعطيها القدرة على العمل غالباً بعيداً عن أعين الدولة والحكومة، وتتمتع بقدرة على مزاحمة السلطة السياسية والتغريد خارج سرب قراراتها. في حين أن الانقلاب الفاشل فتح الباب أمام إعادة هيكلتها، وربط أنظمتها أكثر بالسلطة السياسية المركزية لتكون جزءاً منها وليس كمنافسة لها أو رقيبة عليها.

في هذا المقال، نلقي الضوء على آخر عمليات معاقبة الانقلابيين وموظفي الدولة في تركيا، كما التغييرات التي طالت المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية. هذا بالإضافة إلى قضايا قانونية أخرى مثل السعي إلى إعادة العمل بعقوبة الإعدام وقضية تسليم الولايات المتحدة الأميركية للداعية الإسلامي فتح الله غولن المتهم بالوقوف وراء محاولة الانقلاب.

 
الطرد القانوني غير أخلاقي.. أميركا لا تسلم غولن

مع مرور أكثر من شهر على فشل المحاولة الانقلابية، لم ترسِ التقارير القادمة من تركيا على رقم نهائي للمحتجزين والمصروفين من الخدمة. إلا أن الرقم الرسمي الأخير الذي أعلنه وزير الداخلية التركي "أفكان علاء" في 11 آب/ أغسطس أشار إلى أن عدد المصروفين من وظائفهم قد بلغ 76 ألفاً، كما تم احتجاز 5171 شخص وألقي القبض على حوالي 17 ألفآخرين[1].

قد تبدو هذه الأرقام الضخمة مفاجئة لشعوب الدول الصغيرة المجاورة للدولة التركية. إلا أن هذه الأخيرة توظف حوالى 150 ألفاً في السنة الواحدة. كما أن أعداد موظفيها الإجمالي يصل إلى عدة ملايين، فتكون بالتالي نسبة المطرودين محدودة نسبياً بالمقارنة مع العدد الإجمالي. من ناحية أخرى، يُشكل طرد الموظفين جماعياً "تقليداً" تركياً يتم دائماً بعد العمليات الإنقلابية. ولم يكن آخره اعتقال أكثر من 120 ألف شخص من "غير المرغوب بهم" بعد انقلاب العام 1980 بأشهر قليلة[2]، وبضعة عشرات الآلاف بعد الانقلاب العام الحاصل في 1997.

هذا التخفيف النسبي من حجم الطرد الجماعي لا يشكل مطلقاً صكّ براءة للسلطة لطرد كل من يخالفها الرأي والتوجه. فمن بين المطرودين والمعتقلين والموقوفين، أشخاصٌ لا ناقة ولا جمل لهم بالانقلاب، ولا يمتّون بصلة لفتح الله غولن، وبعضهم حتى من كارهيه. كذلك الأمر، شكلت السرعة في تحديد من سيُطرد من الإدارة إلتباساً حول وجود نيّة مسبقة بالانتقام من إداريين غير موالين للسلطة.

وعلى الرغم من كثرة الدعوات لثني الحكومة عن توقيف الكثير من الموظفين وطردهم، كما احترام حكم القانون في التعامل مع الأفراد بعد العملية الانقلابية، بدت وكأنها لا تأبه كثيراً لهذه الأصوات، وعلماً أن معظمها كانت خارجية وصدرت عن دول أوروبية ومنظمات دولية. فأعلنت حالة الطوارئ بعد فشل الانقلاب بأسبوع واحد، وباتت أعمالها شرعية ومغطاة بالقانون الذي سمح لها بمصادرة أملاك واعتقال موظفين وصرف سواهم. 

يُبرر إعلان حالة الطوارئ ممارسات الحكومة قانونياً. إلا أن الكثير من سياساتها يخلو من تبرير أخلاقي. قانونياً، يسمح إعلان حالة الطوارئ للسلطة باعتقال وطرد من يشكّلون تهديداً للاستقرار أو ممن لهم علاقة مع مؤسسات فتح الله غولن الاجتماعية والطبية والتربوية، التي باتت كلها، حسب القانون، فروعاً لمنظمة إرهابية. إلا أن إغلاق 1043 مدرسة خاصة و1229 جمعية ومؤسسة خيرية و19 نقابة عمالية و15 جامعة و35 مؤسسة طبية لا مبرر أخلاقي له، إذ أن مئات الآلاف من الأفراد يحتاجون إلى هذه المؤسسات ويستفيدون منها[3].

من ناحية أخرى، بات غولن بمثابة شمّاعة يُعلّق عليها كل أمر سيئ، وتلصق به كل تهمة تخطر على البال. فبحسب الحكومة، تبيّن أنّ من أمر الجيش باسقاط الطائرة الروسية العام الماضي هو غولن، وأنّ من سرّب فيديو بمشاهد جنسية فاضحة لرئيس حزب "الحركة القومية" السابق "دينيز بايكال" وأجبره على الاستقالة هو غولن[4]. وكذلك هو غولن الذي أدخل بعض الأكاديميين الأكراد إلى السجن بتهمة التعاون مع حزب "العمال الكردستاني". وهو الرجل نفسه الذي تلاعب بنتائج مباريات دوري كرة القدم في السنوات الماضية.

وعليه، تحوّل هذا الأخير إلى عدو للشعب التركي. كما بادرت الحكومة التركية إلى الطلب رسمياً من الولايات المتحدة الأميركية بتسليمها إياه من أجل محاكمته. إلا أن هذه الأخيرة لا تزال تصرّ على عدم إمكانية تسليمه وتطالب بوثائق رسمية تؤكد تورطه. بالمقابل، يعمد غولن إلى عقد المؤتمرات الصحافية الواحد تلو الآخر، للقول بأنه براء من كل ما يجري.

وكان وزير الخارجية التركية "مولود تشاويش أوغلو" قد أعلن "أن هناك إشارات إيجابية من الولايات المتحدة فيما خص تسليم غولن"، مؤكداً أن بلاده تقوم بتكوين ملف كامل عن ارتباطه بالعملية الانقلابية[5]. إلا أن الأميركيين لا يبدون مستعدين حالياً لتسليمه إلى السلطات التركية لأسباب سياسية، ويماطلون من خلال الطلب من الأتراك بالمزيد من الأدلة الدامغة. وهذا على الرغم من وجود اتفاقية سارية المفعول لتبادل المطلوبين بين البلدين.
 

عقوبة الإعدام كأداة سياسية

مع تصاعد أصوات الأتراك المطالبة بإعادة العمل بعقوبة الإعدام، لمّحت الحكومة التركية في أكثر من مناسبة إلى إمكانية تفعيلها. وقد تكون هذه التلميحات استجابة للمطالب الشعبية، أو ربما هي مجرد تهديدات للإنقلابيين وضغط معنوي عليهم. إلا أن إعادة العمل بعقوبة الإعدام له مخاطر ومحاذير كثيرة على الدولة التركية وعلاقاتها الخارجية.

ففي العام 2002، وتحت وطأة الضغوط الأوروبية، ألغت تركيا الإعدام كأداة عقابية خلال فترات السلام، وذلك ضمن ما عُرف حينها بـ"الحزمة الثالثة من الإصلاحات لمواءمة القوانين التركية مع قوانين الإتحاد الأوروبي". ثم عادت وألغتها في أوقات الحرب في العام 2004[6]. وتزامن إلغاء العقوبة مع محاكمة عبدالله أوجلان زعيم حزب "العمال الكردستاني"، الذي حُكم عليه بالإعدام، لكن أعفته الضغوطات الأوروبية على الدولة التركية من الموت شنقاً، ليبقى حتى اليوم مسجوناً مؤبداً في السجون التركية. وكان إلغاء عقوبة الإعدام عام 2002 أداة استخدمتها أوروبا لتخليص حياة أوجلان بعد التلويح للأتراك بأنها شرط أساسي للدخول إلى الإتحاد.

وكما في الماضي كذلك اليوم، لا تزال قضية عقوبة الإعدام محل تجاذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ولا يُنظر إليها من منظار إنساني أو قانوني بوصفها تنتهك حقوق الإنسان، أو مخالفة لحقه في الحياة، إنما من منظار سياسي حصراً. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد اعتبر أن قرار إعادة العمل بعقوبة الإعدام في تركيا ممكن مناقشته في البرلمان[7]، على الرغم من عشرات التهديدات والانتقادات الأوروبية التي ربطت بقاء تركيا كمرشحة لدخول الاتحاد ببقاء المنع على الإعدام فيها[8].

من ناحية أخرى، واجهت مجموعات تركية غاضبة رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم وطالبته بتنفيذ عقوبة الإعدام بحق الانقلابيين. فأكد أمامها أن "إرادة الشعب هي أوامر بالنسبة إلينا". إلا أنه تدارك الموضوع في مناسبة أخرى وأكد على عدم الاستعجال في خضم الأزمة على قرار بهذا الحجم[9]. وتبقى هذه العقوبة مسألة مرتبطة بالبرلمان التركي الذي حصل على وعد علني من رئيس الجمهورية التركية بأنه سيقره إن تم التصديق عليه من قبل النواب[10]. كما أن عقوبة الإعدام تبقى قضية مرهونة بالعلاقة مع أوروبا، وبقدرة الأتراك على الابتعاد عنها أكثر، وعن السعي للإنخراط فيها. هذا في وقت تبقى فيه حقوق الإنسان والمسألة القانونية والأخلاقية المرتبطة بالإعدام كعقاب يُنهي حياة الإنسان بعيدة جداً عن أي نقاش تركي داخلي، أو حتى عن تصريحات الأوروبيين والمسؤولين الأتراك على حدّ سواء.
 

وزير العدل يعيين قضاة جدداً

بعد إعفاء 2745 قاض ومدعٍّ عاممؤقتا في اليوم التالي للمحاولة الإنقلابية، قام "المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين" بإعفاء 684 آخرين في الأيام التالية[11]. كما بات على أهبة الإستعداد لإصدار موجة جديدة من الإعفاءات ستطال 1500 قاض ومدعّ عامّ آخرين[12]. ولم تستثنِ حملة الإعفاء والإعتقال أي محكمة، فمن المحكمة الدستورية إلى المحكمة العليا الاستئنافية ومجلس شورى الدولة، مروراً بالمحاكم الإدارية والتجارية وغيرها، تم إعفاء قضاة منها جميعها.

أدى إعفاء هذا العدد الكبير من القضاة والمدعين العامين إلى شبه فراغ في السلك القضائي التركي، وهو الأمر الذي بإمكانه أن يؤدي إلى مشكلات كبيرة في حل قضايا الناس، ويجعل من السلطة القضائية في حالة شلل وعجز لغياب الكادر البشري المناط به إدارتها والعمل بها. وعليه، بات تعيين قضاة ومدعين عامين جدد أمراً ملحاً، وهو ما بدأت وزارة العدل و"المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين" بالقيام به بالفعل.

وكان البرلمان التركي قد أعطى عام 2014 وزارة العدل القدرة على تعيين رئيس "الأكاديمية القضائية". كما أنه زاد من صلاحيات "المجلس الأعلى" في تعيين قضاة جدد، بعدما بات للوزارة صلاحية تعيين أعضاء فيه. وقد أدّى هذا الأمر إلى الحدّ من مبدأ فصل السلطات، وجعل السلطة القضائية واقعة تحت هيمنة السلطة التنفيذية عبر وزارة العدل.

وخلال اجتماعات وزير العدل مع "المجلس الأعلى" في 25 تموز/ يونيو، إتُخذ قرار بتعيين 342 عضواً جديداً في مجلس شورى الدولة وفي المحكمة العليا الاستئنافية[13]. كما أعلنت وزارة العدل عن نيتها تعيين حوالى 5 آلاف قاضٍ ومدعٍّ عامّ في الأشهر المقبلة، وهو ما اعتبره وزير العدل "ضرورة لعدم عرقلة العمل القضائي"، مؤكداً أن 700 من هؤلاء أنهوا فترة التدريب وباتوا جاهزين ليتمّ تعيينهم في السلك القضائي. بالإضافة إلى ذلك، اعتبر الوزير أنه سيتم اختيار نصف هؤلاء من المتخرجين من كليات الحقوق والنصف الآخر من المنتقلين من المحاماة إلى السلك القضائي[14].

وبما أن وزارة العدل تسيطر بحكم القانون على "المجلس الأعلى" و"الأكاديمية القضائية" المنوط بهما تعيين وتدريب القضاة الجدد، يبقى الاحتمال كبيراً بأن تأخذ باعتبارات المصلحة السياسية أكثر من مصلحة السلك القضائي. فبعد إعفاء أو اعتقال القضاة والمدعين العامين الموالين لغولن أو من غير الموالين للحكومة، لن يكون تعيين الأعضاء الجدد إلا من هؤلاء الذين يدورون في فلك السلطة، خصوصاً وأن "الأكاديمية القضائية" المسؤولة عن تدريبهم هي واقعة تحت نفوذ وزير العدل والسلطة التنفيذية.

تعيد السلطة هندسة السلطة القضائية حسبما تشتهي، بعدما أتتها محاولة الإنقلاب كفرصة ذهبية للقيام بما تريده من تغيرات. فبعد اعفاء العديد من القضاة، حان الآن موعد تعيين بدائل عنهم، وهؤلاء الجدد لن يكونوا إلا من الموالين للحكومة، أو من هؤلاء الذين لن يجرؤوا على معارضة أي من قراراتها خوفاً على مصلحتهم الوظيفية، ولكي لا يكونوا عرضة للإعفاء والمعاقبة كما جرى مع من سبقهم.

 
سيطرة المدنيين على قرار الجيش

على عكس حال السلطة القضائية، لا يوفر القانون التركي الكثير من الإمكانيات لسيطرة كبيرة للسلطة المدنية على الأجهزة العسكرية، بل كان الجيش يحظى بالقدرة على التصرف في شؤونه بحرية وإدارة مؤسساته بعيداً عن الرقابة المدنية. وللجيش التركي مؤسساته التعليمية والطبية الخاصة، كما هو ممَثل بقوة في "مجلس الأمن القومي" وله قدرة على التدخل في الحياة السياسية. إلا أن فشل الإنقلاب وبروز قدرة قسم من الجيش على التصرف بشكل يناقض القانون، جعلت من إعادة هيكلته وهندسة موازين القوة في داخله أمراً بالغ الضرورة.

بداية، أعلنت الحكومة عن نيتها حلّ الحرس الجمهوري المقدر عدده بحوالى 2500 عنصر مهمتهم حماية رئيس الجمهورية، وذلك بعدما اعتقلت حوالى 300 منهم كانوا قد شاركوا بالانقلاب عليه[15]. ثم أعلن وزير الدفاع عن نيته تجنيد 265 طياراً حربياً جديداً مكان 265 طياراً شاركوا بالانقلاب، ملمحاً إلى أن القوانين التي ستصدر قريباً ستجعل من وزير الدفاع المدني قادراً على المشاركة بتعيينهم بدلاً من ترك الأمر منوطاً حصراً بهيئة الأركان العسكرية[16].

وليس ببعيد عن هذه التغيرات التي تطال أفراد المؤسسة العسكرية، يبقى التغيير الحقيقي في تركيا الآن هو ذلك الذي يطال هيكلية الجيش ككل ويجعله خاضعاً بشكل كلي للسلطة المدنية. وهذا الأمر يتمّ من خلال إخضاع القوات الجوية والبرية والأرضية لوزارة الدفاع وليس لرئاسة هيئة الأركان. كما بات يمكن لرئيسي الجمهورية والحكومة الحصول على معلومات مباشرة من هذه القوات وتوجيه أوامر لها دون الحاجة لموافقة أي طرف آخر. يُضاف هذا إلى وضع القيادة العامة للدرك وقوات خفر السواحل تحت سلطة وزارة الداخلية بشكل مباشر في 27 تموز/ يونيو الماضي.بالإضافة إلى ذلك، باتت الأكاديميات العسكرية المعنية بالشؤون الطبية والمستشفيات العسكرية تابعة لوزارة الصحة.

أما "مجلس الأمن القومي" الذي يملك صلاحيات كبيرة في تركيا، والذي يضم عسكريين ومدنيين في نفس الوقت، فبات الآن واقعاً تحت سلطة المدنيين. وكان هذا الأمر قد تم بعدما خُفّض عدد القيادات العسكرية ورفع عدد الوزراء (المدنيين) المشاركين فيه. وعليه، بات عدد المدنيين يتفوق على العسكريين في هذا المجلس.

كذلك الأمر، تريد تركيا إنشاء "جامعة الدفاع الوطني" وجعلها مظلة مسؤولة عن كل المؤسسات التعليمية العسكرية. كما تريد إقفال الكليات والأكاديميات التعليمية في المستقبل وجعل كل التعليم تحت سلطة "جامعة الدفاع الوطني" ورئيسها الذي يختاره رئيس الجمهورية من ثلاثة أسماء يقترحها عليه وزير الدفاع. في حين يبقى لهذه الأخيرة القدرة على اختيار كل رؤساء الأقسام والمعاهد، كما وضع شروط القبول للدخول إليها[17].

في المحصلة، تم وضع الجيش تحت السلطة المدنية، وتم تجريده من القدرة على المناورة والتصرف بحرية كما في الماضي. لكن أردوغان لم يكتفِ بذلك بل ألمح إلى ضرورة وضع جهاز المخابرات العامة وهيئة الأركان العسكرية العامة تحت سلطة رئيس الجمهورية مباشرة. إلا أنه أقر أن ذلك يحتاج إلى تعديل دستوري[18] قد لا يكون ممكناً في الوقت الحالي.

بعد شهر من تاريخ محاولة الانقلاب عليها، وبالمقارنة مع حال المؤسسة العسكرية، تخرج السلطة المدنية التركية أقوى مما كانت عليه في الماضي. إذ أنها قامت خلال شهر واحد بما لم تستطع القيام به منذ تاريخ قدومها إلى السلطة في العام 2002، وذلك عبر طرد غير الموالين لها من الإدارة، وإعادة هندسة الجيش والقضاء حسبما تريد. إن تركيا الجديدة التي لطالما وعد بها أردوغان تتشكل بعد محاولة الانقلاب، ولا إمكانية لأحد على منازعته على أي ذرة من السلطة في الوقت الحاضر.



[1]Hurriyet daily news, “Nearly 76,000 civil servants suspended over failed coup attempt: Turkish Interior Minister”, August 11, 2016. Accessed in 13/8/2106, available on: http://www.hurriyetdailynews.com/nearly-76000-civil-servants-suspended-over-failed-coup-attempt-turkish-interior-minister-.aspx?pageID=238&nID=102733&NewsCatID=341
[2]رضا هلال، السيف والهلال: تركيا من أتاتورك إلى أربكان: الصراع بين المؤسسة العسكرية والإسلام السياسي، دار الشروق، الطبعة الأولى، القاهرة، 1999، ص. 142.
[3]Gareth Jones & Ercan Gurses, “Turkey's Erdogan shuts schools, charities in first state of emergency decree”, Reuters, July 23, 2016. Accessed in 13/8/2016, available on: http://www.reuters.com/article/us-turkey-security-emergency-idUSKCN1030BC
[4]Merve Aydogan, “Daily claims Gülenists behind opposition sex tape scandals”, Daily Sabah, January 5, 2015. Accessed in 13/8/2106, available on: http://www.dailysabah.com/politics/2015/01/05/gulenists-behind-sextape-scandals
[5]John Hudson, “Turkey Touts ‘Positive Signals’ on Gulen Extradition”, Foreign Policy, August 12, 2016. Accessed in 13/8/2106, available on: http://foreignpolicy.com/2016/08/12/turkey-touts-positive-signals-on-gulen-extradition/
[6]BBC News, “Turkey agrees death penalty ban”, January 9, 2004. Accessed in 13/8/2106, available on: http://news.bbc.co.uk/2/hi/europe/3384667.stm
[7]Darren Devlyn, “Execution call on rebels”, The New Daily, July 17, 2016. Accessed in 13/8/2016, available on: http://thenewdaily.com.au/news/world/2016/07/17/turkish-president-death-penalty-considered-post-coup/
[8]Justin Huggler, “Germany warns Erdogan that bringing back death penalty will end Turkey's EU hopes”, The Telegraph, August 4, 2016. Accessed in 13/8/2106, available on: http://www.telegraph.co.uk/news/2016/08/04/germany-warns-erdogan-that-bringing-back-death-penalty-will-end/
[9]Sukru Kucuksahin, “Restoring death penalty could have major repercussions for Turkey”, Al-Monitor, August 12, 2016. Accessed in 13/8/2106, available on: http://www.al-monitor.com/pulse/en/originals/2016/08/turkey-akp-death-penalty-passions.html
[10]The Daily Star, “Restoring death penalty could have major repercussions for Turkey”, August 9, 2016. Accessed in 13/8/2106, available on: https://www.dailystar.com.lb/News/Middle-East/2016/Aug-07/366046-turkeys-erdogan-says-would-approve-death-penalty-if-parliament-votes.ashx
[11]Daily Sabah, “Supreme Board of Judges and Prosecutors suspends 684 judges, prosecutors over suspected FETÖ ties”, August 10, 2016. Accessed in 13/8/2016, available on: http://www.dailysabah.com/war-on-terror/2016/08/10/supreme-board-of-judges-and-prosecutors-suspends-684-judges-prosecutors-over-suspected-feto-ties
[12]Hurriyet Daily News, “1,500 more judges and prosecutors to be suspended from judiciary”, August 9, 2016. Accessed in 13/8/2016, available on: http://www.hurriyetdailynews.com/1500-more-judges-and-prosecutors-to-be-suspended-from-judiciary-.aspx?pageID=238&nID=102655&NewsCatID=341
[13]Hurriyet Daily News, “342 new members appointed to top judicial bodies”, July 25, 2016. Accessed in 13/8/2016, available on: http://www.hurriyetdailynews.com/342-new-members-appointed-to-top-judicial-bodies.aspx?pageID=238&nID=102058&NewsCatID=341
[14]Hurriyet Daily News, “Turkish Justice Ministry plans to appoint 5,110 new judges and prosecutors in August”, July 26, 2016. Accessed in 13/8/2016, available on: http://www.hurriyetdailynews.com/turkish-justice-ministry-plans-to-appoint-5110-new-judges-and-prosecutors-in-august.aspx?pageID=238&nID=102111&NewsCatID=338
[15]BBC News, “Turkey failed coup: Presidential guard to be disbanded”, July 23, 2016. Accessed in 13/8/2016, available on: http://www.bbc.com/news/world-europe-36877067
[16]Hurriyet Daily News, “Military to recruit 265 pilots: Turkish defense minister”, August 12, 2016. Accessed in 13/8/2016, available on: http://www.hurriyet


متوفر من خلال:

مقالات ، تركيا



لتعليقاتكم


طورت بواسطة Curly Brackets

اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية