انتفاضة في جبة قرار قضائي في تونس


2016-06-14    |   

انتفاضة في جبة قرار قضائي في تونس

انتخب بتاريخ 17-02-2016 مجلس هيئة الحقيقة والكرامة السيد خالد الكريشي نائبا لرئيسة الهيئة. ورد الانتخاب كأثر لرفت الهيئة لنائب الرئيس الأصلي السيد زهير مخلوف بتاريخ 21-12-2016. توقعت رئاسة هيئة الحقيقة والكرامة أن ينهي اعلان الانتخاب ونشره لاحقا بالجريدة الرسمية المنازعة حول المنصب. وعلى غير المتوقع، تولى عضوان في مجلسها الطعن فيه أمام المحكمة الادارية طلبا لايقاف تنفيذه لحين نظر قضاء الأصل في دعوى إبطاله التي تستند لعدم توفر النصاب القانوني لاتخاذه. كان ينتظر أن يكون نظر الدعوى في فرعها ألاستعجالي مناسبة لبيان أثر قرار طرد نائب رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة واستقالة عدد من أعضائها[1] على عمل الهيئة خصوصا وأن مجلس نواب الشعب لم يبادر لسد الشغورات التي أفرزتها الاستقالات.

لم يحقق الرئيس الأول للمحكمة الإدارية في قراره الذي صدر بتاريخ 03-06-2016 ما كان منتظرا منه. فقد التفت عن الطعون التي أُثيرت وتعلقت أساسا بعدم توفر نصاب الثلثين اللازم لسلامة العملية الانتخابية. واستند في تسبيب قراره لمعطى لم يسبق وأن أثير أمامه تمثل في القرار الذي صدر عنه بتاريخ 18-04-2016 في الدعوى التي رفعها نائب رئيس الهيئة السيد زهير مخلوف في طلب ايقاف تنفيذ قرار طرده من الهيئة. اعتبر الرئيس الأول للمحكمة الادارية في حكمه أن سبق قضائه بايقاف تنفيذ قرار طرد نائب رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة يؤكد عدم شغور منصبه، بما يكون معه اعلان الشغور وفتح باب التناظر في شأنه إصراراً على ممارسة عدم المشروعية مما يوجب إيقافه.
يخرج اعتماد الرئيس الأول للمحكمة الادارية في قراره على حكم لم يتمّ التمسك به من أطراف الدعوى في ملف القضية التي ينظرها عن تقاليد العمل القضائي التي تحجر الحكم بالعلم الشخصي. و يظهر بعيدا عن هذا  التوصيف التقني القرار في بعده الأساسي  ردّا مباشرا على تمسك هيئة الحقيقة والكرامة برفض تنفيذ الأحكام القضائية.

إلتجأ مجلس هيئة الحقيقة والكرامة في تعاطيه مع القرارات القضائية التي صدرت لفائدة نائب رئيسة الهيئة زهير مخلوف في المرحلة الأولى لإعلان قبول تنفيذ القرار الذي يصدر بإيقاف التنفيذ وإصدار قرار في ذات اليوم والتاريخ بإيقاف المعني عن العمل وإحالته على مجلس التأديب[2] ليصدر عقب ذلك قرارا جديدا في الطرد يكون محل طعن قضائي ينتهي بدوره لإيقاف التنفيذ فيتم الالتجاء لذات الأسلوب لتجاوز آثاره . دفع إصرار نائب رئيس الهيئة على التقاضي في كل مرة الهيئة لتغيير أسلوب تصديها لسلطة القضاء.  كان ذلك بمناسبة صدور القرار الثالث من نوعه في إيقاف تنفيذ قرار الطرد. حينها، أصدرت الهيئة بلاغا بتاريخ 25-04-2016 أعلنت فيه أن مجلسها وبعد التداول قرر عدم تنفيذ قرار المحكمة الادارية الصادر بتاريخ 18-04-2016 لاستحالة تنفيذه فعليا وقانونيا.

كان نظر الرئيس الأول للمحكمة الإدارية في طلب ايقاف تنفيذ تعيين خالد الكريشي نائبا لرئيسة هيئة الحقيقة والكرامة مناسبة أبدى فيها رئيس المحكمة الإدارية موقفه من إصرار الهيئة على رفض تنفيذ قرارات القضاء. ويظهر القرار القضائي الذي صدر بهذا المنظور انتفاضة ضد توجه الهيئة لتحدي سلطة القضاء. كشف الرئيس الاول للمحكمة الادارية في قراره عن استياء السلطة القضائية من اختيار هيئة الحقيقة والكرامة تجاهل الأحكام القضائية على غرار نظام الاستبداد، في حال أن القانون الأساسي للهيئة يحملها مسؤولية إصلاح المؤسسات وإعلاء قيمة القانون.
 
 
      



[1]بتاريخ 10 18-09-2014 تقدم عضو الهيئة عزوز الشوالي باستقالته و بتاريخ -12 -09-2014  تقدمت السيدة نورة البوصالي باستقالتها من الهيئة وبتاريخ 25-08-2015 قدم السيد محمد العيادي استقالته من الهيئة لينتهي عدد اعضاء الهيئة الى 11 بعد ان كانت تركيبة الهيئة عند تشكيلها تضم 15 عضوا
[2]اعلنت هيئة الحقيقة والكرامة في بلاغ صدر عنها بتاريخ 08 -10-2015 انها تقبل بتنفيذ القرار الصادر عن رئاسة المحكمة الادارية بتاريخ 06-10-2015  لفائدة السيد زهير مخلوف وانها تقرر بذات التاريخ ايقاف المعني بالامر عن العمل واحالته على مجلس التأديب 
انشر المقال



متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني