بصيصُ مكننةٍ في سراديب العدليّة


2016-06-10    |   

بصيصُ مكننةٍ في سراديب العدليّة

بمبادرةٍ فرديّة من كلٍّ من الكاتبة نسيمة ريحان والمباشر والكاتب بالتكليف شريف سرحال، تسلّلت المكننة إلى أحد أقلام قلم محكمة الجنايات في بيروت. وقد اختارت “المفكرة القانونيّة” تسليط الضوء على هذه المبادرة لأهميتها في سياق العمل، لكن أيضاً لتحيّة الموظفين اللذين بادرا من تلقاء نفسيهما إلى إحداث تغييرٍ تؤجّله الدولة بينما تحتاجه بشدّة كافة الأقلام والدوائر الرسميّة.

عادةً، إذا إحتاج المحامون أو الفرقاء معرفة أيّ تفصيلٍ عن دعوى قضائيّة، سيتوجب عليهم /ن إنتظار الدور نظراً لإزدحام الأقلام بالزملاء أصحاب الحاجة الشبيهة، فيغرقوا بعدها في الدفاتر والسجلات المطروحة أمام الكاتب /ة. ولا تتجلّى هذه المشكلة في الدعوى المقدمة في السنة ذاتها بحيث يملك المحامي /ة كافة المعلومات اللازمة في الحاضر، ولكنها تكمن في آلية التعامل مع الدعاوى المقدّمة في السنوات الماضيّة، نظراً لإمكانية وجود غلط في المعلومات المتوفرة عن القضية. حينها، ستوجب على المرء أن يبحث عن سجلات السنين وفيها للوصول إلى المعلومة.
هذه السجلات، بمعظمها، ممزّقة الأوراق، بالية، مصفوفة داخل خزانة أو على الرفوف، فاقدة لونها، الخطّ فيها يحتاج لفكّ شيفرته، وفي معظم الأحيان، لا ذكر فيها للجرم أو نوع الدعوى. فتسود القلم حالةٌ من تقاذف الدفاتر مع الكاتب الذي لا يملك أساساً المتسع من الوقت ليلبّي كافة الإحتياجات. هذا ولم نتطرق بعد إلى آلية تنظيم الدفاتر والجداول، ونوعية التدوين فيها الذي يختلف من محكمة إلى أخرى، ومن كاتبٍ إلى أخر. كذلك، لم نتوقف عند المعاناة التي تعيق الوصول إلى الملفات التي من الممكن أن تُفقد أو تُرمى في “المستودع” بعد فترةٍ معيّنة لضيق المساحة في القلم، وضيق وقت الكاتب /ة بعد تلبية المطالب اليوميّة والأسئلة ناهيك عن مواعيد جلساته…

نظراً لهذا الواقع، وبهدف تسهيل عملهما، وتوفير المعلومات بشكلٍ أسرع، وحصر الوقت والمعاناة الواقعة عليهما وعلى أصحاب الحقوق، وتفادياً للضياع البيروقراطي والغرق في أساليب البحث التقليديّة في الدفاتر، قرّرت الكاتبة نسيمة ريحان والمباشر والكاتب بالتكليف شريف سرحال لدى قلم محكمة الجنايات في بيروت إدخال المكننة إلى “قلمهما”. إذ بدءاً بأن طلبا عبر رئيسة القلم من وزارة العدل في العام 2008 أن توفّر لهما كمبيوتراً. لم يواجها عوائق رسميّة بعدما اتخذا هذا القرار، ولم تسائل الوزارة سبب الحاجة إلى كمبيوتر، لا بل قوبلا بالتشجيع من قبل رئيسة القلم التي كانت على إطلاعٍ على غايتهما منه. تم تأمين الكمبيوتر بعد عدّة أشهر من طلبه، وباشرا بتنفيذ هذه المبادرة.

منذ بدء العملية حتى اليوم، صارت المكننة في هذا القلم تشمل المعلومات التاليّة:
– رقم أساس الدعوى
– رقم القرار (إذا صدر)
– أسماء المتهمين
– اسم الأم
– سنة الميلاد
– الجنسيّة
– الجرم
– تاريخ الجلسة المقبلة أو تاريخ صدور الحكم (إذا صدر).

على الرغم من أن هذه المكننة لا تزال بسيطة وخجولة، ولكنها تشكّل خطوةً ملهمة للتخلّص من المعوّقات البيروقراطيّة وغير البيروقراطيّة في الوصول إلى المعلومة. اليوم، يكتفي أصحاب الطلبات بإعطاء شريف أو نسيمة أيّ معلومةٍ عن قضية أو حتى موضوع الجرم، لكي يحصل بـ”كبسة زر” على كافة المعلومات الواردة أعلاه، ومنها ينطلق بحثٌ أشدّ سويّة.
نشر في العدد 39 من مجلة المفكرة القانونية

انشر المقال

متوفر من خلال:

مجلة لبنان ، لبنان ، مقالات ، حريات عامة والوصول الى المعلومات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني