بحثا عن موقف موحد من قانون الأعلى للقضاء: الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي على الخط


2016-05-01    |   

بحثا عن موقف موحد من قانون الأعلى للقضاء: الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي على الخط

أعلنت الهيئة الوقتية للقضاء العدلي مساء يوم 29-04-2016  عن عزمها دعوة الهياكل الممثلة للقضاة وممثلي المجالس القضائية العليا للاجتماع قصد التباحث والتشاور فيما تعلق بختم رئيس الجمهورية للقانون الأساسي للمجلس الاعلى للقضاء. واعتبرت الهيئة في بلاغها الذي أعلن قرارها أن رعايتها للتشاور بين هياكل القضاة ومجالسهم القضائية يندرج في اطار اضطلاعها بدورها في المرحلة التي وصفتها بالدقيقة والحساسة. استجابت الهيئة في قرارها للدعوة التي وجهت إليها من نقابة القضاة التونسيين وجمعية القضاة الشبان، ويظهر بالتالي تدخل الهيئة مرحبا به في الوسط القضائي الذي تجمع هياكله على تقييم القانون الأساسي للقضاة سلبياً. يرتبط نجاح الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي في سعيها لجمع كل القضاة بأمرين أساسيين أولهما، موقف مجالس القضاء الإداري والمالي من الدعوة وثانيهما موقف جمعية القضاة التونسيين منه وموقف بقية الهياكل من الشروط التي قد تطرحها.

المشاركة في جلسات الحوار، حضور مؤكد في انتظار التأكيد 
اختارت الهيئة الوقتية للقضاء العدلي التي سبق لها أن رعت حواراً بين هياكل القضاة سنة 2014 أن تكون هذه المرة  طرفاً في الحوار الذي سترعاه وأن يكون إلى جوارها في ذات الحوار مجالس القضاء الإداري والمالي. ويكون من المهم انتظار موقف مجالس القضاء من هذه الدعوة الثورية التي تقطع مع تصور كلاسيكي دور المجالس العليا للقضاء.

أكد بلاغ الهيئة أن الدعوة إلى الحوار ستشمل الهياكل الممثلة للقضاة. وينتظر مبدئيا أن تقبل نقابة القضاة التونسيين واتحاد القضاة الاداريين واتحاد قضاة محكمة المحاسبات وجمعية القضاة الشبان الدعوة بمجرد تلقيها باعتبار أن هذه الهياكل كانت السباقة لدعوة الهيئة لرعاية الحوار بين هياكل القضاة. كما يبدو قبول جمعية القضاة بمشاركة بقية هياكل القضاة طاولة الحوار أمرا منتظرا لأن رفضها الجلوس على طاولة الحوار مع بقية الهياكل قد يؤدي لتحميلها مسؤولية إفشال التوصل لموقف قضائي موحّد وهو أمر ترفضه قواعدها. قد يقترن في المقابل قبول الجمعية بمبدأ المشاركة في الحوار بمحاولتها فرض شرط تمييزها بحضور يلائم تمثيليتها للقضاة. ويبدو نجاح الهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي في صناعة آلية الحوار التي تشمل مجالس القضاء وهياكل القضاة أمرا هاما لجهة ما قد يعترضه من صعوبات تتعلق أساسا بمواقف أطراف الحوار.


مخرجات الحوار: تقييم سلبي منتظر وقرارات صعبة 
ينتظر في صورة نجاح الهيئة في تحقيق استجابة أطراف الحوار لدعوتها أن يكون الموقف من القانون متناغما مع ما أعلنته هياكل القضاة منفردة والهيئة الوقتية للاشراف على القضاء العدلي من رفض لقانون وصف بأنه يعيد إنتاج المجلس الأعلى للقضاء للنظام السياسي لما قبل الثورة. يحظى هذا الموقف بتأييد واسع في صفوف القضاة، لكنه في المقابل لا يقنع غيرهم من رجال قانون وسياسيين. ومن هنا، يكتسب تسبيب رفض الأطراف الفاعلة في الوسط القضائي للقانون أمرا مهما لفتح نقاش جدل سياسي وقانوني. ويبدو عند هذا الحد مخرج الحوار واضحا. لكن اذا ما تجاوزنا تسجيل المواقف لطرح السؤال حول أثر الموقف الموحد، فإن الحوار المنتظر يحتفظ بالغموض.

يرتبط غموض مخرجات الحوار الذي تعتزم هيئة القضاء العدلي رعايته بعاملين:

أولهما أنّ هذا الحوار يتعلق في موضوعه بقانون تمّ ختمه وينتظر شكلية النشر بالجريدة الرسمية ليصبح قانونا نافذا، وثانيهما أنه حوار يشارك في صناعة مقرراته صنفان من المؤسسات الأول نقابي تمثله هياكل القضاة والثاني رسمي وتمثله مجالس القضاء.

لن تجد الهياكل المهنية حرجا في اتخاذ مواقف نقابية من القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء قد تصل للدعوة لمقاطعة المجلس ترشحا وانتخابا لكون "النضال النقابي والمهني يعد من أهداف عملها. الأمر أكثر تعقيداً في حال مشاركة مؤسسات ادارة القضاء الرسمية في قرارات مماثلة. فأي موقف مماثل سيشكل مؤشرا على صراع مفتوح بين المؤسسات القضائية الرسمية والسلطة السياسية. وفي حال حصل هذا الصراع، فإن أثره سيكون عميقا وذات تأثير كبير على تصور السلطة في الجمهورية الثانية وربما على تصور تلك الجمهورية.

هذا المقال نشر في العدد 38 من مجلة المفكرة القانونية.

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد القضائي ، استقلال القضاء ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني