الجنوبيون الخضر: الدولة اللبنانية مسؤولة عن تدمير شاطئ عدلون


2016-01-21    |   

الجنوبيون الخضر: الدولة اللبنانية مسؤولة عن تدمير شاطئ عدلون

أسبوع مضى على بدء عملية تدمير شاطئ عدلون (قضاء صيدا) بعدما تقرر تنفيذ مشروع "المرفأ" الذي أعلن وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر عن انطلاق العمل به في زيارة قام بها بتاريخ 9/1/2016بمرافقة مدير عام النقل عبد الحفيظ القيسي.

"ميناء دولة الرئيس الاستاذ نبيه البحري للصيادين وللنزهة" هو المشروع الذي رصدت له وزارة الأشغال العامة والنقل مبلغ ناهز الـ 7.3مليار ليرة في منطقة تفتقر بحسب أبنائها للبنى التحتية. أما العنوان العريض فهو تقديم خدمة لصيادي عدلون ولانماءها علماً أن أبعد مرفأ عن المدينة يبعد مسافة خمسة كيلوميترات لا أكثر وأن عدد الصياديين في المدينة وبحسب اهاليها لا يتجاوز الـ15صياد قسم منهم لا يزاول مهنة الصيد بشكل  منتظم.

اذاً حضر زعيتر و"بارك" بدء العمل بالمشروع، قائلاً:"بعد استكمال كل النقاط القانونية فيما يتعلق بتلزيم المشروع وامر المباشرة ومكتب الاستشاري. وقد حاول البعض العرقلة لكن نحن نعمل تحت سقف القانون وبالنهاية ينتصر القانون وينتصر حق الشعب في الحياة". على ان حرص زعيتر على احترام القانون ومباركة القانون غاب عنه ضرورة احترام الخصوصيات البيئية والتاريخية والأثرية للشاطئ الذي سيقام عليه المشروع والذي يفرض اجراء مسح للمكان وتقييم للأثر البيئي فيه وهو الأمر الذي لم تكترث له الوزارة.

منذ أواخر العام 2014بدأت جمعية "الجنوبيون الخضر"(هي حركة اجتماعية بيئية، تراثية وثقافية مدنية) بالتحرك لحماية الشاطئ واعلانه محمية طبيعية واثرية ورفض اية أعمال قد تلحق الضرر بخصوصيته. على صفحتهم على موقع فايسبوك، رفع "الجنوبيون الخضر" عريضة تشرح الأسباب الموجبة التي تدفع بالعديد من الجمعيات الأهلية وهيئات المجتمع المدني الى السعي للمحافظة على شاطئ عدلون وإعلانه محمية بيئية وأثرية. حيث "يشكل شاطئ بلدة عدلون موقعاً تاريخياً وبيئياً فريداً على الحوض المتوسطي. ويعود تاريخ البلدة إلى عصور ما قبل التاريخ. حيث دلت الحفريات وكهوف البلدة أنها واحدة من أقدم مواقع الإستقرار البشري في المنطقة ولحقب طويلة.

ويعدّ الشاطئ بتضاريسه جزءاً من موقع أوسع ضم أثار مدينة "مآروبو الفينيقية" ومرافئها الثلاثة التي كانت قائمة على خلجانها الطبيعية الصخرية. كما يضم العديد من المواقع والآثار الظاهرة؛ التي تتضمن آثار المرافئ الفينيقية وأحواضاً صخرية مفتوحة على البحر وأخرى مقفلة بالإضافة إلى ملاحات بقيت مستخدمة من قبل أهالي البلدة حتى أواخر سبعينيات القرن الماضي وتشكل، كما الشاطئ، جزءاً من ذاكرتهم الجماعية.

بالإضافة إلى غناه الأثري، بإعتباره موقع المدينة القديمة ومرافئها، ويشكل الشاطئ بتنوع تضاريسه الصخرية والرملية وتدرّج أعماقه، موقعاً إيكولوجياً غنياً ومتنوعاً سواءً على اليابسة أو في البحر".

في مقابل هذه الخصائص كان مدير عام النقل عبد الحفيظ القيسي قد شرح خلال مرافقته للوزير زعيتر في زيارته للمكان مضمون المشروع الذي تمّ تلزيمه الى شركة خوري للمقاولات بقيمة 7.3مليار ليرة لبنانية ستدفع من ضمن الموازنة العامة لوزارة الأشغال العامة والنقل. فقال: "ان المشروع عبارة عن مرفأ للصيادين والنزهة ويتضمن انشاء "سنسول" حماية رئيس بطول 600متر و"سنسول" حماية سانوي بطول 240متر وأحواض مائية يتراوح العمق فيها ما بين مترين ونصف وهي أحواض لمراكب الصيادين الى خمسة أمتار التي هي أحواض لمراكب النزهة. اضافة الى كل الخدمات التي تقدم للصيادين من غرف للحفاظ على الشباك وتجهيزاتهم ومركز للتعاونية وسوق لسمك ومركز صيانة المراكب. والى جانب المرفأ سيكون هناك وعلى مسافة 50ألف متر مربع مسبح مجاني للعموم وستكون الخدمات فيه مؤمنة مجاناً والدخول اليه مجاناً".

وفي حديث مع "المفكرة القانونية" يشرح رئيس جمعية "الجنوبيون الخضر" الدكتور هشام يونس الأضرار التي سيخلفها هذا المشروع بالنسبة للمنطقة معتبراً الاّ مسوغ جدي ومقنع لتنفيذه سوى مصالح خاصة ستجلب الدمار للمكان. وقال:" ان المرفأ سيقام على قسم أساسي من واجهة عدلون البحرية التاريخية بما فيها تلك المواجهة لكهوفها ما قبل التاريخية ( قرابة 300متر). وهي تشكل، وفقاً لخلاصة أبحاث العالمين غودفري زوموفن ومن بعده دورثي غارود، اللذين لهما تعود أهم التنقيبات والأبحاث المنشورة حول عدلون، موقعاً تاريخياً مترابطاً".

وتابع:" يقوم المشروع بالكامل على مساحة من المقدر أن تتجاوز المئة ألف متر مربع من الممتلكات العامة البحرية نصفها يشكله الشاطئ والنصف الآخر من خلال عملية ردم البحر، من دون أي وازع قانوني. إن أعمال الردم الواسعة التي سيتضمنها المشروع ستلحق أضراراً بليغة بالتنوع البيولوجي للشاطئ العدلوني. وهو ما سيكون له، بعكس مزاعم المشروع، تداعيات سلبية على حرفة صيد الأسماك في كامل المنطقة. كما من شأن عملية الردم هذه أن تؤدي إلى تدمير موائل السلاحف البحرية التي لا زالت تتواجد في محيط الموقع وتعشعش على شطآنه وهو ما سيؤدي إلى اختلال إضافي في النظام البيئي للمحيط والذي تلعب السلاحف البحرية فيه دوراً حيويا".

أضاف: "هم يقولون انهم سيفيدون صيادي الاسماك ولكن هذا غير صحيح لأنهم سيقومون بتدمير نحو 50ألف متر مربع من البحر. يعني يصبح لدينا تدمير نحو 100ألف متر مربع ما يعني تدمير كامل للشاطئ. ناهيك عن ان تدمير مصائد الاسماك والتلوث الناجم عنها لن يدمر عدلون وحسب وانما سيطال الشاطئ. هذا فضلا عن اننا نتكلم عن مرفأ بضخامة تسع أحواض تتسع لنحو 400مرسى و"سنسولي" حماية وهي مقاييس تتجاوز مقاييس مرفأ صور أو صيدا حجماً، في بلدة تفتقد إلى البنية التحتية المناسبة وتعاني ومواقعها التاريخية والبيئية إهمالاً مزمنا".

ومن الناحية القانونية لفت يونس الى انه لا يحق للشركة الملتزمة بتنفيذ المشروع المباشرة بالعمل ذلك ان "الجنوبيون الخضر" كانت قد رفعت كتاب الى وزارة البيئة في 22كانون الاول 2014وآخر الى وزارة الثقافة في آذار 2015من أجل التدخل لوضع حد لهذه الجريمة. وقد طالبوا بإعلان شاطئ عدلون محمية طبيعية وأثرية، وإتخاذ كل ما يلزم للحفاظ عليه متنفساً للجوار. وقد تحدث يونس في 14كانون الثاني 2016مع لارا سماحة مديرة النظم الايكولوجية في وزارة البيئة حول الموضوع كما تقدمنا كجمعية الى وزارة البيئة بكتاب نطلب فيه التدخل السريع لوقف الاعمال في المكان.

وأضاف: "كما أرسلنا الى وزارة الثقافة كتاباً اول في 3/9/2015وبدوره أرسل مدير عام وزارة الثقافة في 15/9/2015كتاباً الى وزارة الاشغال العامة يطلب فيه كل الخرائط مع ضرورة إجراء مسح قبل البدء بأي عمل في المكان، لأنه موقع أثري. لكنه لم يلقَ جواباً. وبتاريخ 5كانون الثاني 2016، كنت في اجتماع مع المدير العام وأرسل كتاب ثاني بحضوري وقد علمت بعد حوالي عشرة ايام انه لم يأتِ رد على الكتاب الثاني. وهذا يعني انهم لم ينالوا موافقة لا وزارة الثقافة ولا وزارة البيئة ولكن بالمقابل يقولون ان لديهم موافقة من قبل وزارة الثقافة ووزارة البيئة وبهذه الحجة يحاولون اسكات اهالي عدلون".

ولفت يونس الى انه"كان هناك تعتيماً كاملاً حول الموضوع قبل ان تعرف الجمعية به. وقد التقيت برئيس بلدية عدلون وطلبت تأجيله الى حين القيام بمسح ودراسة للأثر البيئي. فأخبرني ان العمل عليه بدأ منذ ثلاث سنوات وحضروا له موازنة ضخمة. فاذا كان مرفقاً عاماً ولصالح أهالي البلد لماذا هذه السرية؟ لأنه ببساطة هناك أمور أخرى مرتبطة فيه، منها أنه في أثناء العمل عليه كان يجري العمل على التصنيف العقاري للعقارات المتاخمة للمشروع والتي هي مناطق زراعية تجعل من عدلون دوحة خضراء. لكن تمّ تعديل تصنيف قسماً كبيراً منها لتصبح سياحية وتجارية. 

وختم قائلاً:"يعرف المعنيون بالمشروع منذ البداية انهم يدمرون موقعاً اثرياً وبيئياً فريداً لذلك لم يقدموا تقييماً للأثر البيئي، ولذلك تجاوزوا موافقة وزارتي الثقافة والبيئة ولذلك لا زالوا يتجاهلون تقديم اي معطيات مطلوبة للوزارتين بل يدعون بأنهم نالوا الموافقة امام أهالي عدلون. ان الحكومة اللبنانية مجتمعة مسؤولة عن حماية عدلون التي بدأت وزارة الأشغال تدمير واجهاتها وآثارها وردم بحرها ضاربة بعرض الحائط كل القوانين التي تحفظ الموقع لخصوصيته التاريخية والأثرية والبيئية لصالح مرفأ "يخوت".

وتزامناً مع تحركات الجمعيات البيئية في المنطقة انطلقت حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي شعارها هاشتاغ  #انقذوا_عدلون وقد لاقت انتشاراً واسعاً بين النشاطين وذلك للاضاءة حول القضية وتشكيل أكبر قوة ضغط ممكن لانقاذ المنطقة قبل تدميرها وحتى لا يكون مصيرها كما حال دالية الروشة. كما اعد "الجنوبيون الخضر" عريضة يطالبون بها بإنقاذ شاطئ عدلون.
 

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، بيئة وتنظيم مدني وسكن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني