حق البحرينيّة بمنح جنسيتها لأبنائها


2015-12-31    |   

حق البحرينيّة بمنح جنسيتها لأبنائها

 
المقدمة
 
تمثل قضية حق المواطنة للمرأة البحرينية في منح الجنسية لأبنائها إحدى القضايا الإجتماعية والإنسانية الأساسية حيث يترتب عليها جملة من النتائج السلبية على صعيدي المجتمع والأسرة. فيترتب على زواج المرأة البحرينية من غير بحريني اعتبار أبنائها "غير مواطنين" وحرمانهم من حقوق أساسية منها التعليم العالي، الإقامة الدائمة، المشاركة السياسية، حقّ التملّك، الخدمات والقروض الإسكانية، التوظيف، الشعور بالإستقرار والأمان. وقد تزايد عدد الأشخاص المعنيين بهذا الملف نتيجة للتغيرات الاجتماعية والعالمية وانفتاح المجتمعات على بعضها. 
 
وعليه، التحق ناشطو وناشطات البحرين في 2004 بالحملة الإقليمية التي بادرت إليها في 2002 مجموعة الأبحاث والتدريب للعمل التنموي (CRTDA) من لبنان وانضمت إليها ست دول عربية أخرى هي: مصر، الجزائر، سوريا، لبنان، المغرب، الأردن. وقد اتفق الشركاء في الحملة الإقليمية على أن المطلب الأساسي هو حق المرأة في إعطاء الجنسية للأبناء أولاً، وأنه يجب التركيز على الجانب الإنساني والاجتماعي للقضية وليس فقط القانوني.  
 
 
الحملة الوطنية للجنسية في البحرين
 
لا يمكن معالجة هذه القضية دون الاستناد على مبدأ الشراكة بين مؤسسات المجتمع المدني والأفراد المهتمين وأصحاب القضية، فقامت جمعية البحرين النسائية – بعد انضمامها للحملة الإقليمية للجنسية – بدعوة الجمعيات النسائية والحقوقية لتأسيس الحملة الوطنية للجنسية. وتشمل هذه التحالفات المؤسسات الرسمية ذات العلاقة. واتخذت الحملة الوطنية للجنسية شعاراً لها وهو: " جنسيتي حق لي ولأبنائي". 

المطلب العام للحملة:
 تركّز الحملة على تعديل المادة (4) الفقرة (ب) من قانون الجنسية البحريني لعام 1963م المستبدلة بقانون رقم 12 لسنة 1989م والتي تنص على أنّه ( يُعتبر الشخص بحرينياً إذا ولد في البحرين أو خارجها وكان أبوه بحرينياً عند ولادته) 
واستبدالها بالفقرة التالية:
(يُعتبر الشخص بحرينياً إذا ولد في البحرين أو خارجها وكان أبوه  أو أمه بحرينياً عند ولادته) 
 
 
أهداف الحملة:
تتمثل أهداف الحملة في ما يلي:
 
.1 بيان التمييز الواضح ضد المرأة في قانون الجنسية المطبق حالياً والذي يتنافى مع توقيع مملكة البحرين على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة. 
 
.2 تعزيز الشراكة المجتمعية بين المؤسسات التشريعية و الرسمية والأهلية  بتوحيد الجهود للعمل من أجل إرساء العدالة الاجتماعية ومنح المرأة أحد حقوقها الدستورية. 
 
.3 مساعدة النساء البحرينيات المتزوجات من غير بحرينيين ومساندتهن لتجاوز العقبات والصعوبات النفسية والاجتماعية ، والخدماتية التي يلاقينها جرّاء القانون الحالي. 
 
.4 نشر الوعي في المجتمع حول حق المرأة البحرينية المتزوجة من غير البحريني في منح جنسيتها لأبنائها. 
 
أسس ومبادئ الحملة:
.1 دستور مملكة البحرين
تستند الحملة الوطنية على النصوص الدستورية التالية‮:‬‬‬‬
 
أ- المادة الرابعة من الباب الثاني‮ (‬المقومات الأساسية للمجتمع‮) (‬العدل أساس الحكم والتعاون والتراحم صلة وثقة بين المواطنين،‮ ‬والحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعلم والتضامن الاجتماعي‮ ‬وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة‮).‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
ب- الباب الثالث‮ (‬الحقوق والواجبات العامة‮) ‬المادة ‮18 ( ‬الناس سواسية في‮ ‬الكرامة الإنسانية،‮ ‬ويتساوى المواطنون لدى القانون في‮ ‬الحقوق والواجبات العامة،‮ ‬لا تمييز بينهم في‮ ‬ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة‮).‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
 
.2 المواثيق والاتفاقيات والإعلانات الدولية ، و بخاصة اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل. 

 

موجز لبعض الأنشطة والفعاليات التي قامت بها الحملة الوطنية 
 
عقدت الحملة الوطنية العديد من اللقاءات مع النساء المتضررات من قانون الجنسية، أبرزها اللقاء الأول الذي تعرفت من خلاله الحملة على عددٍ كبير من  النساء المتضررات ومعاناتهن حيث تم في هذا اللقاء توزيع استمارات على النساء المتضررات لجمع المعلومات والبيانات الخاصة بهن من أجل التواصل معهن ومعرفة حجم المشكلة. ويتم في هذه اللقاءات بشكل عام الاستماع للحالات المختلفة من الأمهات ومعاناتهن مع أبنائهن ومن ثم تقديم المشورة لهن ومساعدتهن في الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة لتقديم طلباتهن للجهات المختصة. فضلا عن ذلك، عقدت الحملة ورش عمل للمتضررات وأبنائهن بهدف تعزيز النظرة الإيجابية لهؤلاء المتضررات وأبنائهن في النظرة إلى المستقبل ورفع ثقتهن بأنفسهن وبقدرتهن على تغيير واقعهن إلى واقع أفضل.
 
كما قامت الحملة الوطنية للجنسية بالعديد من الزيارات لأعضاء مجلسي الشورى والنيابي خلال فترتي الانتخابات الأولى (2002) والثانية (2006) وأيضاً مع المجلس الأعلى للمرأة. وقد تم اصطحاب عدد من النساء المتضررات في هذه اللقاءات حيث قمن بشرح معاناتهن أمام المعنيين.
كما نظّمت الحملة الوطنية للجنسية أكثر من مرسم للأطفال المحرومين من الجنسية ، حيث رسمت أنامل هؤلاء الأطفال صوراً لهذه للمعاناة المتمثلة في حرمانهم من حق المواطنة وعدم تمتعهم بالجنسية البحرينية. وقد قامت الحملة بنشر رسومات الأطفال في جميع الصحف المحلية واستخدمتها في العرائض والمذكّرات المقدّمة لمجلس النواب لإحاطة الناس علماً بمعاناتهم ودفع  النوّاب لدعم الحملة الوطنية للجنسية ومساندة مطالبها.
وعلى الصعيد الاقليمي، قامت الحملة بجولة خليجية للتعريف بالحملة الوطنية، وخاصة للتعرف على وضع النساء الخليجيات المتزوجات من أجانب، وقوانين الجنسية فيها لتحديد حجم المشكلة وأبعادها،‮ ‬وتحديد آليات التنسيق والتعاون مع دول الخليج. وقد عُقد مؤتمر "المواطنة الكاملة للمرأة" الاقليمي في البحرين في 2007. ‬‬‬‬
 
وعلى الصعيد الدولي، قدمت جمعية البحرين النسائية (كمنسقة للحملة) ضمن صلاحياتها كمنظمة استشارية في منظمة الأمم المتحدة، في 9 يونيو 2008 بمداخلة شفوية تعليقاً على التقرير الرسمي المرفوع من قبل مملكة البحرين لمجلس حقوق الإنسان أثناء المراجعة الدورية الشاملة للوضع الحقوقي لمملكة البحرين، مطالبة بالتعديل الفوري لقانون الجنسية والموافقة على إصدار قانون لأحكام الأسرة وإزالة التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو). كما شاركت الحملة الوطنية ضمن الوفد الأهلي بجنيف في تقديم مداخلة ضمن استعراض التقرير الموازي للجنة الأممية للسيداو حول حق المرأة البحرينية بمنح الجنسية لأبنائها، في أكتوبر 2008.

 

التطورات الإيجابية والتفاعل المجتمعي بعد انطلاق الحملة الوطنية:
 
من أبرز التطورات في هذا المجال، الآتية:
قام ملك مملكة البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، بمنح الجنسية لـ (372) ابناً/ بنتاً من أمٍ بحرينية في عام 2006.
 
 قرر مجلس الوزراء البحريني في اجتماعه المنعقد بتاريخ 5 مارس 2006 إحالة مشروع قانون بتعديل قانون الجنسية، اشتمل على تعديل المادة السادسة بند 1 /أ ( البحرينيون بالتجنس ) نصت على ( حق الملك  منح الجنسية البحرينية لكل شخص كامل الأهلية إذا طلبها وتوافرت فيه الشروط منها  الإقامة المشروعة المستمرة في مملكة البحرين مدة 25 سنة إن كان أجنبياً ، و15 سنة إن كان عربيًا، و3 سنوات إن كان من رعايا دول مجلس التعاون الخليجي . ويكتفي بنصف مدة الإقامة إذا كان مولودا لام بحرينية بصفة أصلية أو متزوجا من بحرينية بصفة أصلية مضى على زواجه منها 5 سنوات وله منها ولد. التنازل عن جنسيته الأجنبية خلال سنة من اكتساب الجنسية البحرينية، ويعفى رعايا دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من ذلك .)
 
أعدّت الحكومة في مارس 2007 مشروع قانون لتعديل بعض أحكام قانون الجنسية لسنة 1963، وعرضته على مجلس النواب لإبداء الرأي. وقام رئيس المجلس النيابي بدوره بتحويله على الحملة الوطنية لتقديم مرئياتها وملاحظاتها على القانون. وقد قدمت الحملة الوطنية ملاحظاتها لرئيس مجلس النواب مؤكّدةً أنّ التعديلات المقترحة لمشروع القانون لا ترقى لطموح الحملة، وأنها ما زالت تكرّس التمييز ضد المرأة. فقد جاء التعديل في مشروع القانون المقترح أن حصول أبناء المرأة البحرينية المتزوجة من غير بحريني متوقف على قرار من وزير الداخلية، ويكتسب الأبناء الجنسية "بالتجنّس" أي طبقاً لما هو موجود في نص المادة 6 من قانون الجنسية.
 
مبادرة رئيس المجلس النيابي خليفة الظهراني بمقترح لتعديل قانون الجنسية وإعطاء الجنسية لأبناء المرأة البحرينية المتزوجة من غير بحريني في 2007. 
 
صدر في 30 يونيو 2009 القانون رقم (35 ) لسنة 2009 بشأن معاملة زوجة البحريني غير البحرينية وأبناء البحرينية المتزوجة من غير بحريني معاملة البحريني في بعض الرسوم المقررة على الخدمات الحكومية، مكون من ثلاث مواد؛ المادة الأولى هي التي تتعلق بهذه المعاملة وحصرتها في إسقاط رسوم الخدمات الصحية والتعليمية والإقامة واشترطت شرط الإقامة الدائمة في مملكة البحرين. أما المادة الثانية فتتعلق بإلغاء كل نص يتعارض مع هذا القانون، والثالثة تتعلق بتنفيذ أحكام القانون .وقد أحيط هذا القانون بهالة كبيرة على انه قد حل مشكلة أبناء البحرينية المتزوجة من غير بحريني، غير انه رغم أهمية ما نص عليه إلا انه لم يعالج أساس المشكلة، وهو حلٌ جزئي. إذ لابد من النص في القانون على حصول أبناء البحرينية المتزوجة من غير بحريني على الجنسية، أي أن يكون أبناؤها مواطنين يتمتعون بكافة حقوق المواطن السياسية والمدنية، وحينها لن تكون هناك حاجة لقانون المعاملة في رسوم الخدمات الحكومية المشار إليه.
 
تم منح الجنسية  ل 335 من أبناء المرأة البحرينية المتزوجة من غير بحريني بموجب مرسوم  ملكي عام 2011.
 
 
أبرز التحدّيات التي تواجه الحملة
 
عدم وجود رغبة سياسية لتعديل قانون الجنسية بما ينصف المرأة البحرينية وإعطائها حق المواطنة الكاملة. 
 
هيمنة الملفات السياسية الساخنة على الساحة المحلية  وفي الجلسات البرلمانية مّما يجعل موضوع تعديل قانون الجنسية أمراً ثانوياً بالنسبة للمواضيع الأخرى التي تهمّ المواطن بالدرجة الأولى.
 
الالتباس بين مطالبة الحملة بحق المرأة البحرينية المتزوجة من غير بحريني بمنح جنسيتها لأبنائها، وبين قضية التجنيس السياسي، مما أثار إشكالات عدّة تجاه الحملة.
 
عدم اقتناع بعض الجهات الرسمية والكثير من أعضاء البرلمان بتعديل المادة (4)، الفقرة (ب) من قانون الجنسية، لزعمهم أن تعديل هذه المادة سوف يساهم في استغلال المرأة البحرينية للزواج منها والحصول على الجنسية. 
ومع تقديرنا لكافة الجهود المبذولة من قبل الجهات الرسمية، إلا أننا لا زلنا نرى أن أية تدابير مقترحة، هي حلول مؤقتة، وأن الحلّ المتكامل والمستدام، هو تعديل قانون الجنسية البحريني كما تقدم. 

*رئيسة جمعية البحرين النسائية- للتنمية الإنسانية، البحرين

 
انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، بلدان عربية أخرى



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني