حالة أبناء الأردنية من أب غير أردني


2015-12-29    |   

حالة أبناء الأردنية من أب غير أردني

حدد قانون الجنسية الأردني رقم (6) لسنة 1954 في مادته الثالثة الحالات التي يعتبر فيها الشخص أردنياً والتي جاء من ضمنها:

–       من ولد لأب متمتع بالجنسية الأردنية،

–       من ولد في المملكة الأردنية الهاشمية من أم تحمل الجنسية الأردنية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له أو لم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً،

–       من ولد في المملكة الأردنية الهاشمية من والدين مجهولين، ويعتبر اللقيط في المملكة مولوداً فيها ما لم يثبت العكس.

ويلاحظ من النص السابق أن هناك تمييزاً واضحاً بين الجنسين. فالحالة الوحيدة التي يمكن للمرأة الأردنية أن تمنح فيها جنسيتها لأبنائها هي إذا كان الأب مجهول الجنسية، عديم الجنسية أو مجهول النسب. وهذا ما أكدت عليه محكمة العدل العليا في أحد أحكامها حيث جاء: “إن رفض منح أولاد المرأة الأردنية من أب غير أردني الجنسية الأردنية يتفق مع أحكام القانون والدعوى مستوجبة الرد”[1]. كما أنها أكدت أنه ليس للأم منح الجنسية لأبنائها المولودين في الأردن من أب فلسطيني، ف”لا يغير الاحتلال الغاشم من جنسيته كما لا يعتبر الأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له وإنما هو معلوم الجنسية”[2].

وقبل المضي في عرض مبررات الحكومة والخطوات المتخذة على هذا الصعيد، تجدر الإشارة إلى أنه بحسب دائرة الأحوال المدنية، هناك ما يقارب 89 ألف أردنية متزوجة من (140) جنسية ومن عديمي جنسية وأن عدد أبنائهن يبلغ 356 الفاً.

مبررات الحكومة: رفض توطين الفلسطينيين

واستناداً على ما تقدم ، كان من الطبيعي أن تتعرض الأردن للانتقاد من قبل اللجان الدولية عند مراجعتها للتقارير الدورية المقدمة. وهذا ما نقرؤه في الملاحظات الختامية للجنة حقوق الإنسان عند مراجعتها للتقرير الدوري الرابع المقدم في العام 2009[3]. وقد تكرّر نفس الانتقاد في تقرير المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه بعد زيارتها للأردن في تشرين الثاني 2011[4]، وأيضا في تقرير للجنة حقوق الطفل عبرّت فيه عن قلقها العميق للتمييز الذي يتعرّض له أبناء الأردنية من زوج غير أردني بشكل يخالف الدستور والالتزامات الدولية المترتبة على عاتق الأردن[5].

وتبرر الحكومة الأردنية هذا التمييز بقولها “أنه تم التوافق بين دول جامعة الدول العربية على حظر إعطاء الجنسية من أي دولة عربية للفلسطينيين حفاظاً على الهوية الفلسطينية والتأثير سلبياً على الجهود المبذولة في ضمان حق العودة”[6]. بالمقابل، لم تشرْ الحكومة إلى الأسباب التي تدعوها إلى تعميم هذا التمييز على جميع النساء فيما أنه يتصل فقط بحالة المرأة الأردنية المتزوجة من فلسطيني. كما لم تشر الحكومة لماذا يعدّ الطفل المولود من أم أردنية وأب فلسطيني فلسطينياً وليس أردنياً.

ولا بد من الاعتراف أن هناك شبهات دستورية واضحة في قانون الجنسية وقانون الاقامة وشؤون الأجانب، إلا أنه لم تسجّل حتى الآن أي محاولة للطعن بدستورية هذه القوانين أمام المحكمة الدستورية.

وتبعا للانتقادات الدولية والضغوطات التي قادتها عدد من المنظمات الحقوقية، تعهّدت الحكومة الأردنية في 2002 أمام اللجان الدولية بإزالة الصعوبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة عند التمتع بحقوقهم وتذليل العقبات من أجل التمتع ببعض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الضرورية كالتعليم، الرعاية الصحية والإقامة[7].

لا جنسية ولكن امتيازات…

نتيجة لحراك طويل الأمد، أصدر مجلس الوزراء تعليمات بهدف منح أبناء الأردنية من زوج غير أردني مجموعة من الامتيازات في نهاية عام 2014، وتم وضع مجموعة من الشروط حتىيتمالاستفادة من هذه التسهيلات، أهمها:

–       تقدم الامتيازات إلى أبناء الأم الأردنية المتزوجة من غير أردني ذكوراً وإناثاً،

–       أن تكون الأم مقيمة في الأردن مقيمة مدة لا تقل عن 5 سنوات،

–       أن يكون الإبن حاصلا على إقامة مشروعة،

–       أن يكون الإبن غير متزوج.

ويحصل الأبناء على بطاقة تعريفية إذا انطبقت عليهم الشروط.أما الامتيازات التي من المفترض أن يحصل عليها أبناء الأردنية، هي:

–       العمل: السماح لأبناء الأردنيات المتزوجات بغير أردنيين العمل في المهن غير المسموح بالعمل بها إلا للأردنيين، بشرط عدم توفر بديل أردني واعفاءهم من رسوم تصاريح العمل.

–       الاستثمار: السماح لأبناء الأردنيات بالاستثمار والتملك في المملكة وفق أحكام القوانين والأنظمة والتعليمات.

–       التعليم: منح أبناء الأردنيات المتزوجات بغير الأردنيين المقيمين في المملكة معاملة الطلبة الأردنيين في الدراسة في مدارس المملكة الحكومية في التعليم الأساسي والثانوي.

–       الصحة: منح القُصّر من أبناء الأردنيات المقيمين في المملكة معاملة والدتهم المؤمّنة بالمعالجة لدى المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية، وفقًا لنظام التأمين الصحي المدني والتعليمات الصادرة بموجبه.

–       القيادة: السماح لأبناء الأردنيات المتزوجات بغير الأردنيين الحصول على رخصة قيادة خصوصي بشرط الحصول على إذن إقامة.

وبالرغم من صدور أكثر من 45 ألف بطاقة تعريفية لأبناء الأردنيات المتزوجات من أجانب حتى منتصف عام 2015 بهدف تمكينهم من الحصول على الامتيازات، إلا أنه يبدو أن هذه البطاقات بقيت مجردة من أي فائدة . فقد عبّر الكثير من أبناء الأردنيات المتزوجات من أجانب عن صدمتهم، من أنهم ولدى مراجعتهم الدوائر المختصة للاستفادة من المزايا الممنوحة لهم، يواجهون برفض الموظفين بحجة “عدم تلقيهم أي معلومات او تعليمات حول كيفية التعامل معهم”.

وفي آب 2015 وتبعا لإثارة الموضوع في العديد من التحقيقات الصحفية ومن قبل بعض النواب ومنظمات المجتمع المدني، أعلن وزير الداخلية، سلامة حماد، أنه تم فتح مكتب للتظلم والشكاوى في الوزارة لاستقبال أي ملاحظات حول التعليمات الخاصة بامتيازات ابناء الأردنية الصادرة عن مجلس الوزراء، ومتابعتها على الفور مع الجهات المعنية وضمان تنفيذها. إلا أنه حتى تاريخ كتابة هذة المقالة، لم يتم اتخاذ أي اجراءات لتطبيق هذه التعليمات على أرض الواقع.

للإطلاع على النص مترجما الى اللغة الإنكليزية يمكنك الضغط هنا
نشر في الملحق الخاص بقضية عديمو الجنسية:

عديمو الجنسية في المنطقة العربية، أي قضية؟


[1]قرار رقم 1987/225  فصل بتاريخ  1998/03/30 (هيئة عادية). منشور على الصفحة (168) من العدد (1) من مجلة نقابة المحامين لسنة (2000) .
[2]قرار رقم 411983  فصل بتاريخ  1983/01/01 (هيئة عادية). منشور على الصفحة (940) من العدد (7) من مجلة نقابة المحامين لسنة (1983) .
[3]Human Rights Committee, Consideration of reports submitted by States parties under article 40 of the Covenant, Concluding observations of the Human Rights Committee, Jordan, CCPR/C/JOR/CO/4, 18 November 2010, para 7.
[4] Report of the Special Rapporteur on violence against women, its causes and consequences, Rashida Manjoo, Mission to Jordan, A/HCR/20/16/Ad d1., 14 May 2012, para 88/b
[5]Consideration of Reports Submitted by States Parties, Concluding Observations: Jordan, CRC/C/JOR/CO/3, 29 September 2006, para 29
[6]ورد هذا التبرير في التقرير الدوري الخامس المقدم إلى اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة في العام 2010، والتقرير الدوري الثالث المقدم إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في العام 2009،  وخلال زيارة المقررة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه للأردن في تشرين ثاني 2011.
[7]CEDAW/C/JOR/Q/5/Add.1, 13 February–2 March 2012, para 4.
انشر المقال

متوفر من خلال:

الجنسية ، مجلة لبنان ، لبنان ، مقالات ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية ، فلسطين ، الأردن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني