هل أن ممارسة الحق الانتخابي شبهة ام أن مقاطعة الانتخابات موقف مشبوه؟


2012-06-26    |   

هل أن ممارسة الحق الانتخابي شبهة ام أن مقاطعة الانتخابات موقف مشبوه؟

 تعليقا على موقف المجلس الأعلى للقضاء الليبي بشأن دعوة القضاة الى عدم المشاركة في الانتخابات اتقاء للشبهة

طرح المجلس الأعلى للقضاء الليبي في دعوته التي وجهها للقضاة الليبيين فكرة ضرورة امتناع القضاة عن ممارسة حقهم الانتخابي، ليكونوا بمنأى عن شبهة التسيس. طالعتني عند اطلاعي على الدعوة عدد من الاسئلة: هل أن الانتخاب حق أم هو حق وواجب؟ وهل ان الامتناع عن الانتخاب عمل يبعد شبهة ممارسة السياسة أم انه موقف يمكن ان يقرأ سياسيا؟ وهل يمكن للقضاة أن يغيبوا عن الساحة السياسية والساسة يجهزون لسن دستور يضبط صلاحياتهم ويحدد علاقتهم ببقية السلط في الدولة.
يبدو أن فتوى المجلس الأعلى للقضاء الليبي حسمت الامر فعدت امتناع القضاة عن المشاركة في الانتخابات تنازلا عن حق خولته القوانين لهم بصفتهم مواطنين. لا جدال في كون الانتخاب من منظور أنه اداة لممارسة حق المواطن في اختيار حكامه هو حق يؤسس لقواعد الممارسة الديموقراطية، ولكن الفعل الانتخابي يتجاوز منظور الحق وان كان ينطلق منه فالمواطن الذي يشارك في العملية الانتخابية تكسب نسبة مشاركته متى كانت مرتفعة الديموقراطية الانتخابية مفهومها. أما عزوفه عن الانتخاب فانه يؤدي لجعل الانتخابات آلية تفتقر للمصداقية. ومن هذا المنطلق يكون الانتخاب واجبا تتم ممارسته حماية للديموقراطية ودفاعا عن قواعدها.
وكما هو معلوم، فانه ينظر لنسبة العزوف عن الانتخاب في الأنظمة الديموقراطية كموقف سياسي. اذ يهتم الباحثون اثر كل عملية انتخابية بنسبة عدم المشاركة ويدرسونها على اعتبار أنها من علامات عجز المجتمع السياسي عن اقناع المواطنين بمواطنتهم. عزوف قضاة ليبيا عن الانتخاب سيق كموقف فيه تسام عن الصراع السياسي. لكن ألا يمكن أن يكون ذات الموقف سببا في تحفيز سواهم على الامتناع عن الانتخابات وبذلك تكون جبتهم المدخل لافشال المسار الديموقراطي، فيكون موقف المجلس الاعلى للقضاء الليبي موقفا سياسيا يدفع القضاة لممارسة السياسة من حيث لا يعلمون. فالغياب موقف وقضاة ليبيا متى غابوا عن الانتخابات كان رأيهم السياسي: "نحن غائبون ونترك للحاضرين حق بناء المستقبل والدولة دون ان يكون لنا في الموضوع رأي ولو أن الانتخابات تهدف لانتخاب سلطة تأسيسية ستتولى صياغة الدستور الذي سيعيد تأسيس وتشكيل السلطة القضائية".
أكيد أن لكل تجربة خصوصيتها، وأكيد أن قضاة ليبيا لهم وعي بخصوصية بلدهم تجعل موقفهم مؤسسا واقعا، وأكيد ايضا ان التجربة التونسية لا تصلح كوصفة قابلة للتصدير، لكن يكون من المفيد البحث في موقف قضاة تونس من ذات السؤال وقد طرح عليهم قبل انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
على نقيض المجلس الاعلى للقضاء الليبي، دافعت جمعية القضاة التونسيين عن حق القضاة في الترشح للمجلس الوطني التأسيسي وذلك لكون المجلس الوطني التأسيسي ليس برلمانا وانما هو سلطة تأسيسية ستتولى صياغة الدستور. وفعل التأسيس ليس عملا حزبيا بل هو مسؤولية وطنية على الجميع المشاركة فيها. وقد أثمرت مطالبات القضاة بأن أقر لهم حق الترشح لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي في اعتراف من المجتمع السياسي بخصوصية هذه الانتخابات. كما أن قضاة تونس نادوا بوجوب أن يتم اعتمادهم كخبراء تتم استشارتهم في المسائل التي تتعلق بالقضاء عند سن الدستور أو اصدار القوانين التي تعيد تنظيم السلطة القضائية.
يبدو لي موقف المجلس الأعلى للقضاء الليبي دعوة للاستقالة لا يمكنها بحال أن تصنع استقلال القضاء خصوصا وانها تشجع القضاة على نوع من الرياء السياسي يجعلهم يتظاهرون بحيادية كاذبة في وقت لا مجال فيه للحياد.
محمد العفيف الجعيدي                                                                                                     
 
 
في 3-7-2012، تعقد المنظمة الليبية للقضاة في بنغازي اجتماعا عاما للاعلام عن موقف مخالف لبيان المجلس الأعلى للقضاء في ليبيا.
المفكرة القانونية ستكون ممثلة في الاجتماع.
أي ملاحظات على هذا البيان مرحب بها وستنقل الى المشاركين في الاجتماع العام في بنغازي. أي موقف تضامني كذلك. 
 
 
إضغط للإطلاع على مقال "المجلس الأعلى للقضاء في ليبيا يهيب بالقضاة الامتناع عن ممارسة حق الانتخاب اتقاء للشبهة"

   

انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس ، دستور وانتخابات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني