انتفاضة حقوقية ضد الفحوص الشرجية في تونس وكل الممارسات التي تنتهك الحرمة الجسدية


2015-09-30    |   

انتفاضة حقوقية ضد الفحوص الشرجية في تونس وكل الممارسات التي تنتهك الحرمة الجسدية

بتاريخ 06-09-2015، تولّت قوات الأمن بتونس بمناسبة بحثها في قضية جزائية الإستماع  لطالب جامعي بصفته شاهداً. وبعدما كشف سماعه عن ميول مثلية لديه، كلّفت الوحدة الأمنية أحد أطبّاء الصحّة العمومية بإخضاع الشاب لفحص طبي شرجي للتأكّد من ميوله الجنسية المثلية. وقد تولى الطبيب المنتدب تنفيذ مأمورية الاختبار وضمنها بتقرير اعتمدته  النيابة العمومية  لتوجيه  تهم الفصل 230 من المجلة الجزائية التونسية على من تم الاستماع إليه في مرحلة أولى كشاهد وأذنت بإيقافه[1]. وبناء على  التقرير الطبي الشرجي واستنادا للنص الجزائي الذي يجرم العلاقات الجنسية المثلية ويسلط على من تثبت في حقه عقوبة سجنية تصل الى ثلاث سنوات، قضت محكمة تونسية جناحية ابتدائيا بسجن المتهم مدة عام نافذ من أجل ما نسب له من تهم.

أدى تداول الاعلام لخبر المحاكمة لردة فعل حقوقية هامة  تسلطت بداية على إدانة إنتهاك الحرمة الجسدية للأشخاص بشكل يهين كرامتهم البشرية في إطار الأبحاث القضائية لتنتهي للمطالبة بإلغاء تجريم المثلية.

 نددت المواقف الحقوقية التي صدرت أساساً عن شباب حزب المسار والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بانتهاك الحرمة الجسدية للمتهم واعتبرت أنّ قبول المحاكم التونسية بإخضاع الأفراد للفحص الطبي القسري عموما ينتهك الحرمة الجسدية للأفراد ويخرق بالتالي الفصل 23 من الدستور التونسي. كما اعتبرت ذات المواقف أن فحص الشرجية خصوصا اختبار ينتهك تلك الحرمة باعتبار انه يهين الذات البشرية. أدانت الرابطة التونسية لحقوق الانسان في البلاغ الذي صدر عنها بتاريخ 28-09-2015 قبول الطبيب المسخر باجراء اختبار طبي يتعارض مع قسم الاطباء. كما استنكرت عدم قضاء المحكمة ببطلان اجراءات التتبع. ومن جهته، اعتبر شباب حزب المسار الديموقراطي  الاجتماعي في البيان الذي صدر عنهم بتاريخ 24-09-2015 "أن مثل هاته الفحوصات غير إنسانية وغير مقبولة إلا في حالة تعرض مواطن إلى حالة اغتصاب أو حالة مرضية تفرض الكشف عن المعني بالأمر. "

نبهت ردة الفعل الحقوقية لخطورة القبول بالفحص الشرجي وما يماثله من فحوص طبية من قبيل  فحص العذرية كوسيلة إثبات من قبل القضاء والضابطة العدلية  التونسية على منظومة الحقوق التي كفلها الدستور. وقد تمنع ردة الفعل هذه من تطوّر اللجوء لمثل هذه الفحوص خصوصاً وأن الإدانة التي تسلطت عليها كشفت خرقها الفاضح للدستور واعتداءها على الكرامة البشرية. كما تطرح المقاربة الدستورية لحماية الحرمة الجسدية للأفراد في علاقتها مع الاختبارات الطبية السؤال بخصوص أصناف أخرى من الاختبارات الطبية يتم اللجوء إليها بشكل أساسي في تونس وتتمثل أساسا في فحص استهلاك المواد المخدرة. وينتظر في هذا الاطار ما قد يؤدي النقاش العام من تطور في الموضوع.

هذا النقاش العام الذي أفرز تطوّرا هاما في الموقف من تجريم المثلية في تونس. وكان النقاش حول تجريم المثلية في تونس شهد تطوّرا هامّا خلال 2015. فقد أعلن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة في تونس بداية الشهر الرابع من هذه السنة عن رفضه لتجريم المثلية الجنسية، وأعاد الكشف عن تفاصيل المحاكمة التي لا زالت جارية بالطور الاستئنافي حشد الدعم للخطاب الذي ينادي بالغاء تجريم المثلية باعتبار ان هذا التجريم يمثل اعتداء على حرمة الحياة الخاصة. وانتهى الأمر إلى أن أعلن وزير العدل السيد محمد صالح بن عيسى في تصريح إعلامي صدر عنه بتاريخ 28-09-2015 عن مساندته للدعوة لإلغاء تجريم المثلية بعدما اعتبر أن الفصل 230 من المجلة الجزائية بات يتعارض مع الدستور التونسي الذي يتميز ببعده التقدمي[2]. وذكر حرفياً أن الميولات الجنسية والفكرية تندرج في اطار الحريات الفردية التي لا يجب المس بها أو الاعتداء عليها.
 



[1]تفاصيل وردت بتصريح وزير العدل التونسي الاستاذ محمد صالح بن عيسى  لاذاعة شمس اف ام بتاريخ 29-09-2015
[2]http://www.businessnews.com.tn/le-ministre-de-la-justice-appelle-a-lannulation-de-larticle-230-penalisant-lhomosexualite,520,59217,3?utm_source=dlvr.it&utm_medium=facebook
انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني