فصل جديد من الحرب على الإرهاب في تونس: شيطنة القرارات القضائية بالإفراج عن متهمين به


2015-08-19    |   

فصل جديد من الحرب على الإرهاب في تونس: شيطنة القرارات القضائية بالإفراج عن متهمين به

أكدت رئيسة لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب التونسي بشرى بالحاج حميدة في تصريح اعلامي أدلت به لوسائل إعلام تونسية في 17-08-2015 عدم رضاها على أداء القضاء التونسي في القضايا الارهابية. وذكرت أنها عاينت  عدم كفاءة عدد من القضاة وعدم قدرتهم على التعاطي مع ملفات القضايا الارهابية. واعتبرت أن هؤلاء القضاة "يمثلون ضرراً لا على القضاء فقط بل على أمن البلاد".

وقد سبقت هذه التصريحات التشهيرية بأداء القضاء التونسي في القضايا الارهابية  الاعلان الرسمي عن نتيجة أعمال لجنة التحقيق البرلمانية المكلفة من قبل مجلس نواب الشعب التونسي بالبحث في ادّعاء تعرّض متهمين بقضايا إرهابية للاحتجاز غير القانوني والتعذيب من قبل مصالح الأمن عند مرحلة البحث الابتدائي. وبدا لافتا أن من قادت حملة التصريحات التي تدين القضاء هي نفسها رئيسة لجنة التحقيق البرلمانية، فحرصت على أن تحول القضاء لخانة الاتهام في ذات الحين الذي قدمت فيه شهادة على براءة المصالح الأمنية من شبهة التعذيب بشكل حاسم: "الأكيد أن المتهمين لم يتعرضوا للتعذيب".

وقد أسندت رئيسة لجنة التحقيق البرلمانية حكمها على اعتراف صدر على حدّ قولها بحضورها وبحضور أعضاء لجنة التحقيق البرلمانية عن أحد المتهمين في قضية خلية القيروان الارهابية أكد صلبه أنه اتصل هاتفيا مع شخص من تنظيم داعش بالعراق. استندت النائبة لهذا الاعتراف لتبدي استغرابها من ضعف أداء قاضي التحقيق الذي كان اتخذ قرار الإفراج عنه وعن جميع أعضاء الخلية.
وقد كشفت التصريحات أن لجنة التحقيق البرلمانية تتهيأ لإعلان براءة مصالح الأمن من تهم احتجاز متهمين دون إذن قانوني وتعذيبهم وأنها على العكس من ذلك تماما ستحول اسهم اتهامها في اتجاه القضاء الذي أفرج عن المتهمين بالإرهاب بدعوى أن قرار الافراج يعرض مصالح الوطن للخطر ويؤشر على ضعف اداء مهني.

تجاهلت رئيسة لجنة التحقيق البرلمانية في تصريحاتها الاعلامية معطيات هامة   تتعلق في بشرعية عملية الاحتجاز وبشبهة التعذيب، واختارت في مقابل ذلك أن تقيم قرار قضاء التحقيق بالإفراج عن المتهمين.

وبذلك، بدا وكأن اللجنة البرلمانية تجاهلت اعتراف وزير العدل التونسي محمد صالح بن عيسى بتاريخ 06-08-2015 والذي أكد فيه أن احتجاز الفرقة الأمنية للمتهمين تم في البداية دون اذن قضائي. وقد انتهى الى الإقرار ب"أن هناك اتفاقا ضمنيا- سابقا-  بين وزارة العدل و المصالح الامنية بأنه وفي حال وجود اشتباه في قضية إرهابية، يمكن الاحتجاز ثم  طلب الإن من النيابة العمومية "[1]. وكان بن عيسى أكد أيضا في تصريحه "انه بعد اطلاق سراح المتهمين من قبل قاضي التحقيق  طرأت معطيات جديدة على إدارة الأبحاث تفيد بإمكانية قيام المجموعة بجرائم إارهابية وهو ما دفع  المصالح الأمنية الى إعادة احتجازهم  قبل الحصول على إذن بذلك".      

كما تجاهلت فيما يبدو لجنة التحقيق البرلمانية دورها في البحث في شبهة التعذيب واكتفت بما ذكرت انه تصريحات للمتهمين تلقتها اللجنة بمقر الباحث وتحت حراسته أكد خلالها المتهمون عدم تعرضهم للتعذيب. وتتعارض هذه التصريحات فيما يبدو مع نتيجة اختبار الطب الشرعي التي تداولها الاعلام ويبدو انها رجحت فرضية تعرض أربعة متهمين لاعتداءات جسدية قد تكون نتيجة أعمال تعذيب.

وتوجهت فيما يبدو لجنة التحقيق للبحث عن مبررات أمنية لاعادة ايقاف المتهمين بعد ان اشتركت مع الامن في تقييم قرار القضاء بالافراج عن المتهمين بشكل سلبي.

يؤشر استباق نتيجة عمل لجنة التحقيق البرلمانية باتهام القضاء بالتهاون في الحرب على الارهاب إلى موقف سياسي رسمي ينتصر للمقاربة الامنية في هذه الحرب. ويهدف هذا الموقف فيما يبدو الى شيطنة كل قرار قضائي يقضي بالافراج عن متهمين يرى الأمن أنهم ضالعون في الارهاب.

 ويطرح انخراط رئيسة لجنة الحريات بمجلس نواب الشعب التونسي ومن خلفها فيما يبدو لجنة التحقيق البرلمانية التي ترأسها في سياق هذا الموقف السؤال حول مفهوم استقلال القضاء لدى النخب الحاكمة في ظل الحرب المعلنة على الارهاب والتي استحالت فيما يبدو لحرب على قرينة البراءة وعلى فكرة نزاهة الاثبات في المادة الجزائية.
 



[1]تدخل  وزير العدل خلال برنامجبرنامج يوم سعيد مع حاتم بن عمارة الاذاعة الوطنية يوم 06-08-2015                                   
انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني