منظمة العفو الدولية: تدابير تدفع اللاجئين السوريين الى الحافة


2015-06-17    |   

منظمة العفو الدولية: تدابير تدفع اللاجئين السوريين الى الحافة

عشية الاحتفال باليوم العالمي للاجئين، المصادف للعشرين من حزيران، أطلقت منظمة العفو الدولية تقريراً لها بعنوان "أزمة اللجوء العالمية: مؤامرة قوامها الإهمال"، وذلك خلال مؤتمر صحافي عُقد في نقابة الصحافة في بيروت، واعتبرت فيه أن قادة العالم قد حكموا على ملايين اللاجئين بالبقاء أسرى لحياة لا تطاق وألقوا بالآلاف منهم الى التهلكة جراء تقاعسهم عن توفير الحماية الانسانية الضرورية لهم.

يستعرض هذا التقرير المعاناة التي يعيشها ملايين اللاجئين من لبنان الى كينيا ومن بحر جزر الأندمان الى المتوسط فيما تعتبر الأزمة السورية الأسوأ منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وفي هذا السياق يقول الأمين العام لمنظمة العفو الدولية  "سليل شيتي" أن:"أزمة اللجوء هي من التحديات التي من شأنها أن تحدد ملامح القرن الحادي والعشرين، ولكن جاءت استجابة المجتمع الدولي لهذه التحديات في شكل تقاعس مخزٍ". ورأى ان هناك "حاجة الى إعادة رسم السياسات والممارسات من أجل التوصل الى استراتيجية عالمية متماسكة وشاملة".

ويتابع:"من مياه المتوسط الى مياه بحر جزر الأندام يقضي آلاف الأشخاص نحبهم في معرض محاولاتهم اليائسة للوصول الى بر الأمان ولن تجد أزمة اللجوء الراهنة حلاّ لها ما لم يقر المجتمع الدولي بأنها مشكلة ذات طابع دولي تستدعي تكثيف الدول لجهودها في مجال التعاون الدولي بشكل كبير".

الإهمال الصارخ للمجتمع الدولي لقضية اللجوء يفضحه تقرير "منظمة العفو الدولية" بالأرقام والوقائع حيث يشير الى أنه "لقي نحو 3500 شخصاً حتفهم غرقاً في عرض البحر الأبيض المتوسط خلال عام 2014، ونحو 1865 خلال العام 2015. وتوفي نحو 300 شخص في عرض بحر جزر الأندمان خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2015 جراء الجوع والجفاف والإساءة التي يرتكبها بحقهم طواقم القوارب التي كانوا على متنها. كما ثمة ما يزيد عن الثلاثة ملايين لاجئ ولاجئة في دول إفريقيا وجنوب الصحراء. ومع ذلك فإن هذه الأزمة لا تلقى الكثير من الاهتمام والانتباه في المحافل الإقليمية او الدولية، حيث لم تستوفِ خطة الأمم المتحدة للإستجابة لأزمة اللاجئين في جنوب السودان أكثر من 11% من إجمالي المبالغ المطلوبة.   

وبحسب منظمة العفو الدولية ان "أكثر من أربعة ملايين سورياً هربوا من بلادهم ويتواجد نحو 95% منهم على نحو رئيسي في خمس دول هي تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر". وقد أرخت هذه العملية بتبعاتها على هذه البلدان التي تعاني الكثير للتكيف مع الاوضاع الناجمة عن ضغط تواجد اللاجئين على أراضيها في ظل تقاعس المجتمع الدولي عن توفير الموارد الكافية لها او للوكالات الإنسانية المعنية بتقديم المساعدة لهم.
وان تدهور الأوضاع في هذه البلدان أجبر بعضها على اتخاذ تدابير وصفتها المنظمة "بالجدلية والمقلقة" اذ أنها منعت بعض الفارين من النزاع من دخول أراضيها ودفعهم الى تفضيل العودة الى مناطق الصراع ومن هذه البلدان لبنان.

في بداية الأزمة السورية، شهد لبنان بحكم واقع الجوار والعلاقات التاريخية مع سوريا،  عملية نزوح كثيفة قوبلت في بدايتها بسياسة "النأي بالنفس" من قبل الحكومة اللبنانية التي تنصلت من مسؤوليتها في هذه المسألة، فلم تقم بواجباتها ازاء عملية استقطاب الهاربين الى الأراضي اللبناني وتأمين أماكن ايوائهم وما يتبعها من تقديم المساعدات الانسانية الملحة لهم. وقد أحدث هذا الأمر فوضى مستشرية أسهمت في توليد النكسات الأمنية والإقتصادية التي أرخت بتبعاتها على المواطن اللبناني واللاجئ السوري على حد سواء.

ووفق منظمة العفو، عندما أرادت الحكومة اللبنانية الاستيقاظ من سباتها واستيعاب الأزمة، كان عدد اللاجئين السوريين الذين يستضيفهم لبنان قد بلغ نحو 1.2 مليون، تم تسجيل مليون ومائة وثمانين ألفاً منهم لدى المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. هذا العدد الهائل أربك الدولة اللبنانية التي وجدت نفسها اذ ذاك عاجزة ولم تجد حلاّ في السنتين الأخيرتين سوى فرض سلسلة من الشروط والقيود التعجيزية على اللاجئين الراغبين في الحصول على تصاريح اقامة او تجديدها وذلك للحد من حركة النزوح الى لبنان.

"مدفوعون  الى الحافة… اللاجئون السوريون يواجهون قيوداً متزايدة في لبنان"، هو عنوان لتقرير خاص أعدته منظمة العفو الدولية، يشرح واقع المعاناة التي يعيشها اللاجئ السوري في لبنان. "ففي العام 2013 فرضت السلطات اللبنانية قيودا على دخول اللاجئين الفلسطينيين من سوريا الى لبنان تضمنت شرط استصدارهم لتأشيرة دخول سارية المفعول تستلزم أن يتم تقديمها عن طريق كفيل داخل لبنان. وفي الـ2014 أدت المزيد من الشروط المفروضة الى اغلاق الحدود في وجه اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا. كما أنه في حزيران من العام نفسه، أعلنت السلطات اللبنانين عن السماح فقط للسوريين المقيمين على المناطق الحدودية من الدخول الى لبنان. وابتداءً من آب 2014، فرضت نحو 45 بلدية في مختلف أنحاء لبنان حظر تجوال في ساعات المساء على السوريين الأمر الذي قيّد حريتهم في التنقل والحركة الى ان أعلن مجلس الوزراء قراراً صريحاً في تشرين الأول 2014 عن نية الحكومة بتقليص عدد اللاجئين. وقد تجلى هذا الأمر منذ الخامس من كانون الثاني 2015 حين استحدثت السلطات اللبنانية معايير جديدة تطبق على السوريين الراغبين بالدخول الى الأراضي اللبنانية، فيخضعون بالتالي الى شروط معينة ويتوجب عليهم ابراز وثائق محددة تثبت الغرض من دخولهم الى البلد وذلك على أساس واحدة من سبع فئات. تضم الفئة الأولى السياحة والتسوق وممارسة النشاط الإقتصادي والمالكين و المستأجرين، الفئة الثانية للدراسة والثالثة لعبور البلاد نحو وجهة ثالثة والرابعة للنازحين والخامسة لتلقي العلاج والسادسة لمراجعة السفارات الأجنبية في لبنان والسابعة للذين يدخلون بتعهد مسبق للمسؤولية على ضمانة كفيل لبناني.

وتشير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين الى تراجع عدد الذين يسجلون أنفسهم شهرياً بواقع 80% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2015 مقارنة بنفس الفترة من العام 2014، وبالنظر الى الوضع القائم في سوريا "فإن ذلك يشير الى أن القيود الجديدة المفروضة قد أثنت السوريين عن طلب اللجوء الى لبنان".

وفي الرابع والعشرين من نيسان 2015 طلبت وزارة الشؤون الإجتماعية من المفوضية إلغاء تسجيل نحو 1400 لاجئا سوريا وصلوا الى لبنان بعد تاريخ 5 كانون الثاني 2015. كما أوعزت الوزارة الى المفوضية في أيار بتعليق عملية تسجيل اللاجئين بشكل مؤقت بحجة "ان هؤلاء وان كانوا يستوفون معايير المفوضية لصفة اللجوء فهم لم يستوفوا شروط الفئة الرابعة التي تنص عليها التعليمات الجديدة الصادرة عن الحكومة اللبنانية".

ويعرض التقرير المعايير الجديدة المفروضة من قبل السلطات اللبنانية التي قامت بتوزيع اللاجئين الى فئتين المسجلين لدى المفوضية وغير المسجلين لديها  ثم فرضت عليهم سلسلة من الشروط التي تتضمن دفع تكاليف مالية باهظة يعجز العديد من السوريين عن تكبدها، لا سيما وأنه من شروط الاقامة في لبنان أن يتعهد اللاجئ بعدم العمل بأي مهنة حتى لو كان مسجلا لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

ومما يكشفه التقرير أن حوالي 72% من المواليد السوريين الجدد في لبنان لا يمتلكون شهادات ميلاد رسمية جراء الشروط البيروقراطية التي لا يستطيع ولي الأمر تلبيتها لا سيما في ظل التعليمات الجديدة المفروضة والمتعلقة بإصدار تصاريح الإقامة وتجديدها. وهذا الأمر يخالف أحكام المادة 7 (1) من اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها لبنان المتعلقة بحق الطفل بان يسجل فور ولادته وان يحصل على الجنسية وان يتعرف على والديه ويتلقى رعايتهما.

في الختام، توجهت منظمة العفو الدولية بمجموعة من التوصيات الى الحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي. وبالنسبة الى لبنان، فبالإمكان اختصار هذه التوصيات بفتح الأبواب امام الهاربين من سوريا دون قيد أو شرط ودون ضمانات بتأمين المساعدة اللازمة للدولة اللبنانية. أما المطالب الأساسية من المجتمع الدولي فتشمل التعهد بإعادة توطين الملايين من اللاجئين واستحداث صندوق عالمي خاص باللجوء يوفر الدعم المالي للبلدان التي تستضيف هؤلاء. ويؤخذ على توصيات منظمة العفو انها أطلقت مجموعة من العناوين دون طرح أفكار أو وسائل تسهم في تحقيقها.
للاطلاع على التقرير كاملا: يراجع ….

انشر المقال

متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، لا مساواة وتمييز وتهميش



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني