غادة عون، صاحبة الرأي المخالف


2015-03-30    |   

غادة عون، صاحبة الرأي المخالف

قد لا تتفق مع جميع آرائها المخالفة، لكن إصرارها على تحرير آراء مماثلة يبقى بحد ذاته مدعاة للتأمل. فالمهم ليس مضمون الرأي المخالف، بل تمسك قاضية مستشارة في محكمة بالإدلاء به في مواجهة آراء صادرة بالأكثرية عن الغرفة التي تنتمي اليها. وهي بذلك تؤكد مبدأين لا يقل أحدهما سمواً عن الآخر: مبدأ مساواة المرأة بالرجل، ومبدأ مساواة القضاة في ما بينهم.

فلكل من أعضاء غرفة المحكمة مكانته في إصدار الحكم، وهي مكانة تتساوى تماماً مع مكانة زملائه فيها. وعليه، أن تكون الغرفة مكونة من رئيس ومستشارين، لا يعني أبداً أن ثمة تبعية للمستشارين بالرئيس أو أفضلية لرأيه بالنسبة الى رأي مستشاريه، إنما يبقى جميع أعضاء الغرفة متساوين يتداولون معاً ولكل منهم حق التمسك برأيه بمنأى عن أي هرمية. ويرتبط هذا الأمر بمبدأ مساواة القضاة في ما بينهم، والذي يشكل إحدى الضمانات الأساسية لاستقلاليتهم. فاستقلالية القضاء ليست فقط خارجية إزاء السياسيين أو السلطات الحاكمة، لكنها أيضاً استقلالية داخلية إزاء كبار القضاة والمسؤولين الإداريين داخل القضاء. ومن الطبيعي أن يؤدي إعمال هذا المبدأ الى تعزيز المساواة بين الجنسين في القضاء، ولا سيما أن نسبة الرجال في شغل المناصب العليا تبقى أعلى من نسبة النساء في هذه المناصب. وتالياً، بقدر ما تتراجع الهرمية داخل القضاء، بقدر ما يزيد حضور المرأة واستقلاليتها فيه.

ومن أهم هذه الآراء المخالفة التي تميزت بها هذه القاضية:

–         رأيها في قضية Mtvحيث عارضت قرار الأكثرية بإغلاق المحطة على خلفية انتهاكها لأحكام قانون الانتخابات النيابية في أثناء العملية الانتخابية الفرعية الحاصلة آنذاك (محكمة المطبوعات في بيروت، 2002)،

–        رأيها في قضية تسليم القوات اللبنانية مخطوفين لبنانيين الى إسرائيل لاستخدامهم كرهائن حيث اعتبرت أن الجريمة استمرت حتى الافراج عن هؤلاء في 2000، وأنها لا تسقط تالياً بقانون العفو الصادر في 2005 عن السيد سمير جعجع ورفاقه والذي شمل جميع الجرائم المعزوة الى أي منهم حتى آخر 1994 (الهيئة الاتهامية في بيروت، 2007)،

–        ورأيها المخالف بشأن إمكانية ملاحقة النائب العام التمييزي السابق سعيد ميرزا على خلفية ارتكابه خطأً جسيماً أو وجود ارتياب مشروع حول حياديته، وذلك في القضية التي رفعها السيد جميل السيد ضد هذا الأخير على خلفية احتجازه تعسفاً لأربع سنوات (محكمة التمييز، 2012)،

–        وأخيراً رأيها المخالف بوجوب استبعاد عقوبة الإعدام (محكمة التمييز، 2014).

نشر في الملحق الخاص بالمرأة – آذار / مارس 2015

انشر المقال

متوفر من خلال:

قضاء ، المرصد القضائي ، قرارات قضائية ، مجلة لبنان ، لبنان ، مقالات



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني