إجراءات ما بعد محاولة الانقلاب: قمع الأكراد متواصل


2016-09-22    |   

إجراءات ما بعد محاولة الانقلاب: قمع الأكراد متواصل

تغيّرت حياة الكثيرين من الأتراك بعد محاولة الانقلاب الفاشلة. إذ أن بضعة آلاف منهم يقبعون في السجون حالياً، فيما خسر عشرات الآلاف وظائفهم، وكان آخرهم حوالى 11 ألف من الأساتذة الذين يعملون في المناطق الشرقية والجنوب شرقية من البلاد، وجلّهم من الأكراد. وهؤلاء، على عكس من سبقهم، لم يخسروا وظائفهم بسبب علاقتهم المشبوهة بالداعية الإسلامي فتح الله غولن المتهم بالوقوف وراء محاولة الانقلاب، إنما بسبب شبهة تأيدهم للقضية الكردية، وحزب "العمال الكردستاني".
وهذا الحزب، كما الكثير من الحركات الكردية الأخرى مصنف بالقانون التركي بأنه منظمة إرهابية، ويشن حرب عصابات على كل ما يرمز للشرعية. إلا أن الحرب المفتوحة والمستمرة بين "العمال الكردستاني" من جهة، والجيش والقوى الأمنية من جهة أخرى، أخذت بُعداً جديداً في الفترة الأخيرة، إذ شهدت البلاد الكثير من التضييق على المدنيين الأكراد وحتى من غير الأكراد المؤيدين لإعطاء الأقلية الكردية حقوقاً إضافية.
ولم يكن قيام الحكومة بطرد آلاف الأساتذة عملاً يتيماً، بل قامت أيضاً بوضع يدها على بلديات يرأسها أكراد، كما أغلقت بضعة وسائل إعلامية تابعة لهم. هذا بالإضافة إلى البدء بمحاكمة نواب أكراد ينتمون إلى حزب "الشعوب الديمقراطي" ذات الأغلبية الكردية، والمتعاطف بشكل عام مع حزب "العمال الكردستاني".
 
إغلاق وسائل إعلامية كردية "مروّجة للإرهاب"
مع فشل المحاولة الانقلابية، قادت الحكومة حملة ضد كل من اعتقدت أن له علاقة مع فتح الله غولن. فأغلقت مدارسه وجامعاته ودور طلبته، كما مستشفياته ومؤسساته الخيرية ووسائل إعلامه. هذا بالإضافة إلى إعلان حالة الطوارئ، وإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية وطرد آلاف من الموظفين منها ومن سائر الوزارات التركية. وبالتوازي مع عملية "تنظيف الدولة" من أنصار غولن، انتقلت الحكومة إلى التعامل مع عدوها الآخر؛ حزب "العمال الكردستاني"، وحزب "الشعوب الديمقراطي" ومناصري القضية الكردية.
العلاقة بين السلطة التركية والأكراد هي سيئة بشكل عام. إلا أنها تحسنت في الفترات السابقة، وتوّصل الطرفان إلى وقف لإطلاق النار وتسوية سياسية كادت أن تُرسي حالة من السلام في المناطق الشرقية والجنوب شرقية ذات الأكثرية الكردية. إلا أن تعنت الطرفين من ناحية، كما دخول أطراف أخرى على خط التسوية والصراع من ناحية أخرى أدت إلى نسفه، على الرغم من أن الأكراد حصلوا من الحكومات التركية السابقة على بعض الحقوق الثقافية واللغوية. ومنذ العام 2014، راحت الصراعات والمواجهات المتقطعة بين الأكراد والأجهزة الأمنية تكثر وتشتد، وراح ضحيتها مئات المقاتلين ورجال الشرطة والمدنيين. هذا في وقت لا يزال الرئيس الأبدي لحزب "العمال الكردستاني" عبدالله أوجلان مسجوناً في تركيا، وقيادة الحزب تأخذ من جبال قنديل شمال العراق مركزاً لها.
كذلك الأمر، كانت مُعارضة حزب "الشعوب الديمقراطي" ذات الأغلبية الكردية لمحاولة الانقلاب خجولة، وقد تأخر في اعلانها على عكس بقية أحزاب المعارضة. وهذا ما زاد من شكوك الدوائر المقرّبة من السلطة التركية والحزب الحاكم حول طموح الحزب بأن يرى الحكومة والشرعية ضعيفة، أو أن تكون تركيا ككل في حالة من عدم استقرار.
بعد إفشال الانقلاب بات بإمكان الحكومة التصرف بحرية أكبر في الداخل. إذ أن المخاطر الجدية التي تعرضت لها جعلتها تدرك حجم وقدرة أعدائها، الأمر الذي جعلها تأخذ الكثير من التدابير الداخلية. كما أدركت أن الاقتصاص من أعدائها ضرورة لبقائها. صحيح أن التبرير الحكومي السياسي لا يُغطي على كمية الأضرار التي لحقت بالأتراك نتيجة أعمال الحكومة بعد فشل الانقلاب، إلا أنه يبقى حجة الحكومة الدائمة التي تشهرها بوجه كل انتقاد.

بداية، صدر قرار من المحكمة بإغلاق جريدة "أوزغور غونديم" تحت حجة "بث دعاية موالية ومروّجة لحزب العمال الكردستاني"، فانضمت هذه الجريدة لحوالى 130 وسيلة إعلامية أخرى تم إغلاقها منذ إعلان حالة الطوارئ[1]. كذلك الأمر، دخلت الشرطة إلى مكاتب الجريدة الكردية "أزاديا ولات" واعتقلت بعض موظفيها. وبذلك يكون العدد الإجمالي للمعتقلين في تركيا قد بلغ منذ إفشال الانقلاب حوالى 32 ألفاًبينهم 132 صحافياً، فيما أُغلقت 132 مؤسسة إعلامية، و29 دار نشر[2].
وحتى ما قبل إغلاق هذه المؤسسات الإعلامية، كان بعض الأفراد يتظاهرون احتجاجاً على إغلاق غيرها، فتقوم السلطات باعتقال بعضهم، وجلّهم من الصحافيين. ومن بينهم عضو "مراسلون بلا حدود" الصحفي "إيرول أوندروغلو"، ورئيس منظمة حقوق الإنسان التركية "سبنم فنجنجي" وغيرهم، وقد تمت إحالتهم إلى المحكمة[3]. ولم يشفع لهؤلاء رفعهم في المظاهرة شعار "لا يمكن إسكات حرية الصحافة"، أو التظاهر سلمياً، بجيث تم اعتقالهم. كما لم ترأف بهم تصريحات المسؤولين الدوليين، ومنهم المستشارة الألمانية أنجلينا ميركل التي انتقدت التصرفات الرسمية فيما خص الحريات الصحافية في تركيا بشكل شبه يومي[4].
وتتكل الحكومة التركية كما السلطة القضائية عند إقفال هذه المؤسسات الإعلامية واعتقال العاملين فيها على المادة 7 من قانون "مكافحة الإرهاب". وتنص الفقرة الثانية من هذه المادة على سجن من يقوم بـ"دعاية أو بروباغندا لمنظمة إرهابية عند إعطائها شرعية أو تمجيد أو تحفيز على أساليب العنف بالحبس من سنة إلى 5 سنوات". إلا أن هذه المادة تفتح المجال أمام فهم متباين لها، إذ أن الأقوال التي تُكتب بحق القضية الكردية، قد يراها القاضي ممجدة لحزب "العمال الكردستاني" وللعنف أو أنها تُظهر المقاتلين الأكراد بصورة الضحية، فيما قد يراها قاضٍ آخر عادية ولا تخالف القانون. وهذا ما يؤدي أحياناً إلى تبرئة المتهمين وسجن غيرهم في نفس القضايا، خاصة أنه بالإمكان أن يفهم أسلوب الكتابة الصحفية وأساليبها المتعددة بعدة أشكال وبطرق مختلفة.
من ناحية أخرى، يعمل الإتحاد الأوروبي على انتقاد الأعمال التي تقوم بها الحكومة فيما خص "المس بالحريات الصحافية"، كما يسعى، في أكثر من مناسبة، إلى الضغط على الدولة التركية من أجل تعديل قانون "مكافحة الإرهاب". كما جعلت من هذا الأمر شرطاً من الشروط الأساسية للدخول في الإتحاد، كما لإتمام صفقة تبادل اللاجئينالتي وقعت بينهما بداية السنة الحالية. وتهدف أوروبا من هذا الضغط إلى الحؤول دون ملاحقة الصحافيين والناشطين الأكراد وغيرهم، إلا أن تركيا ترفض هذا الأمر وتعتبره مسّاً بسيادتها.
على العموم، تستمر المواجهات العسكرية بين الأكراد من جهة والقوى الشرعية من جهة أخرى، وهي توقع يومياً بضعة قتلى من الطرفين. كما تستكمل السلطات إجراءاتها بقمع كل الأصوات المؤيدة للنضال الكردي، وكان آخرها سوق بعض نواب حزب "الشعوب الديمقراطي" إلى المحكمة.
 
رفع الحصانة عن النواب الأكراد والبدء بمحاكمتهم
خلال شهر نيسان/ أبريل، تقدم حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بمشروع قانون من أجل رفع الحصانة عن بعض النواب الأكراد الذي كانوا أبدوا دعمهم للحركات الإرهابية الكردية، أو دعوا إلى ممارسة العنف[5]. كما تقدم آخرون بمشاريع مقابلة لرفع الحصانة عن نواب آخرين، فانتهى الأمر بأن تم رفع الحصانة النيابية عن 152 نائباً[6].
وعليه، بات النواب عرضة للملاحقة القانونية والمحاكمات القضائية. وهذا ما بدأ بالفعل مع بداية استدعاء النواب إلى جلسات الاستماع أمام القضاة. أما التهم، فتتراوح بين الترويج للعنف، مروراً بالدعاية لمنظمة إرهابية، وصولاً إلى العضوية في حزب "العمال الكردستاني" المصنف بالحزب الإرهابي في تركيا. وتم، بالفعل، توقيف بضعة نواب أكراد، ومنهم نائب رئيس حزب "الشعوب الديمقراطي" ذي الأغلبية الكردية "ألب ألتينورس" مع بضعة أشخاص آخرين، ووجهت التهم لهم بالعضوية في منظمة إرهابية، وهذا ما قد سيؤدي إلى سجنهم إلى حدود العشر سنوات، وإسقاط عضويتهم البرلمانية.
أمام هذا الواقع لم يبقِ لرئيس حزب "الشعوب الديمقراطي" النائب "صلاح الدين ديمرطاش" إلا الدفاع اللفظي العنيف عن أعضاء حزبه الذي بات الكثير منهم في السجون أو معتقلين في انتظار محاكماتهم. فاعتبر أن من قُبض عليهم هم "أبطال ذو جباه عالية وليسوا أعداء الشعب"[7]، في حين راح هو يستفزّ السلطات في الكثير من الخطابات التي يلقيها. كما رفض الذهاب إلى المحكمة للإستماع لأقواله بعدما تم إسقاط حصانته النيابية.
بالإضافة إلى ذلك، قام "ديمرطاش" بالتحصن في مركز حزبه الرئيسي ووضع عدداً ضخماً من الحرس على مداخله وأبوابه، الأمر الذي ينذر أن الرجل يسعى إلى مواجهة وصِدام أكثر من سعيه للبحث عن حل سياسي، أو الخضوع للقانون. كما اعتبر "أن التاريخ علّم الأكراد أن الحق وحده ليس كفيلاً بتحقيق النصر، بل يلزمه القوة كذلك"[8]. أما حزبه، فراح يُصدر البيانات الاحتجاجية يومياً ويصف كل أعمال السلطة القضائية باللاقانونية، ويستنكر فاشية السلطة وهدفها بإضعاف كل القوميات غير التركية.
وينص القانون التركي على أنه في حال بلغت نسبة المُسقطة عضويتهم من البرلمان أكثر من 5% (28 نائباً) من إجمالي عدد النواب، تصبح الحكومة بحكم المُلزمة إجراء انتخابات فرعية. وهذا ما قد يفتح المجال للتنافس بين الحزب الكردي وحزب "العدالة والتنمية" الحاكم حصراً في الإنتخابات المقبلة، وذلك لأنهما القوتان الشعبيتان الوحيدتان في المناطق ذات التواجد الكردي حيث لحزب "الشعوب الديمقراطي" نواب.
 
 
السلطة التنفيذية تضع يدها على 28 بلدية
من ناحية أخرى عمدت وزارة الداخلية إلى وضع يدها على 28 بلدية يرأس معظمها أكراد ينتمون لحزب "الشعوب الديمقراطي"، كما بضعة آخرين رأت السلطة أن لهم علاقة مع الداعية الإسلامي فتح الله غولن. وقد أمر بهذا العمل وزير الداخلية الجديد "سليمان سويلو"، وكان أول قرار يتخذه بعدما تم تعيينه وزيراً للداخلية. فأمر بوضع اليد على البلديات تحت حجة "تعاون رؤساءها مع المنظمات الإرهابية". كما اعتبر وزير العدل "بكير بوذداغ"، وبشكل تبريري سطحي، أن هذا العمل "أتى حفاظاً على الدولة الديمقراطية"[9].
بطبيعة الحال، لم يرُق هذا القرار لحزب "الشعوب الديمقراطي"، ولا حتى لأحزاب المعارضة الأخرى التي اعتبرت أن ما يتم هو إنقلاب تقوم به الحكومة، ويشبه محاولة الانقلاب التي فشلت في الماضي. إلا أن هذه المواقف، كما بضعة مظاهرات منددة بوضع اليد على المجالس البلدية، لم تغيّر قرار السلطة التنفيذية، بل تابعت سياستها هذه، واعتقلت معظم رؤساء وأعضاء البلديات التي كانت وضعت يدها عليها.
واستندت الحكومة خلال تنفيذها هذه الإجراءات على قانون الطوارئ. وقد أعقبه إصدار الحكومة مراسيم لها قوة القانون في الأول من 1 أيلول/ سبتمبر نصت على إمكانية إعفاء رؤساء بلديات إن كانت لهم علاقة مع منظمات إرهابية. إلا أن هذه المراسيم لا تنفي قيام السلطة التنفيذية بمخالفة مبدأ فصل السلطات، عبر وضع يدها على بلديات تتمتع بالشرعية الشعبية، وعلى رؤسائها الذين يشغلون مراكزهم بفعل حصولهم على تأييد شعبي في الإنتخابات.
كما لم تكتفِ الحكومة بفرط عقد المجالس البلدية واعتقال رؤسائها، بل سلمت رئاستها إلى نواب المحافظين أو محافظي المقاطعات التركية، وهم موظفون يتم تعيينهم من قبل الدولة، ويمثلون السلطة التنفيذية، على عكس رؤساء المجالس البلدية التي يتم انتخابها من الشعب. وعليه، تُظهر هذه القرارات سطوة من قبل السلطة التنفيذية على كل إرادة شعبية، في حين كان البعض اقترح انتخاب رؤساء بلديات جدد من أعضاء المجالس البلدية، إلا أن وزراة الداخلية لم يَرق لها هذا الإقتراح.
وتتهم الحكومة هذه البلديات بمساعدة حزب "العمال الكردستاني"، وذلك عبر استخدام آلياتها لنقل عناصر منهم، أو بناء حدائق تكريماً لقتلاهم، أو تزويدهم بالأموال لشراء الذخائر، وهذا طبعاً بحسب تقارير الإستخبارات التركية[10]. في حين لا يُبدي رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان أي هوادة في هذا الموضوع، إذ اعتبر رداً على بعض الناشطين الذي تجمهروا أمام البلديات التي وضعت الحكومة يدها عليها أن قرار وضع اليد جاء متأخراً وكان يجب أن يتم قبل فترة طويلة[11].
وما أن وضع موظفو الدولة يدهم على البلديات حتى راحوا يتخذون قرارات وصفوها بالوطنية، وتعاملوا معها كأنها إنجازات عظيمة، ومنها إزالة الكلمات المكتوبة على البلديات باللغة الكردية، ورفع الأعلام التركية على سطوح البلديات. إلا أن وزير الداخلية تدخل فوراً وعاد وأمر بوضع الكلمات الكردية على مباني البلدية الخارجية، خوفاً من ردات فعل شعبية إضافية[12].
تستمر الحكومة بالتعامل مع الأكراد بخلفية أمنية، في حين لا يتوانى هؤلاء، غالباً، عن استخدام العنف في الكثير من المناسبات. وذلك عبر شن عمليات عسكرية يومياً، أو حتى تفجير سيارات في الجيش والأمن والمدنيين[13]. في حين تبرز التطورات الأخيرة، وقرارات الحكومة، ميلاً جديداً للسلطة، يقوم على إضعاف الأكراد من الناحية الإجتماعية والسياسية، وحتى الوظيفية، كما تم مؤخراً في القطاع التعليمي.
 
التضيق على المعلمين الأكراد: 11 ألفاً ينتظرون طردهم
أخذ الصراع بين السلطة التركية والأكراد بُعداً جديداً مع تعليق وزارة التربية لعمل حوالى 11 ألفاً من الأساتذة والمعلمين. وهؤلاء جلّهم من الأكراد، ويعملون في شرق وجنوب شرق البلاد، وللكثيرين منهم باع طويل في تنشئة أجيال تركيا، وتعليم أبنائها، خاصة في المناطق ذات الأغلبية الكردية حيث التنمية قليلة بالمقارنة مع المناطق الأخرى.
واعتبر رئيس الحكومة بنعالي يلدريم "أن هنالك حوالى 14 ألفاً من المعلمين لديهم علاقات مشبوهة مع المنظمات الإرهابية"، وهم لا يشكّلون أكثر من 2 بالمئة من عدد المعلمين الإجمالي البالغ 850 ألفاً[14]. لذا تم وضع هؤلاء الموظفين على لائحة الصرف، بانتظار تحقيقات أجهزة الشرطة والمخابرات، في حين هم الآن في إجازة مدفوعة بانتظار الانتهاء من التحقيقات[15].
وأخذت هذه القضية بُعداً وطنياً وأهمية إعلامية، وذلك بعدما نشرت السفارة الأميركية في أنقرة بيان استهجان للتصرف الحكومي، كما قيام العديد من الأفراد بالتظاهر تنديداً بتصرفات الحكومة. فما كان منها إلا أن اعتقلت معظمهم لبضعة أيام بعدما اعتبرت السلطة أن المظاهرات "غير قانونية"[16]، لتعود وتفرج عن معظمهم بعد أيام.
وقامت أحزاب المعارضة بالتنديد بالتصرفات الحكومية، وحتى الأحزاب التي ليست قريبة جداً من الأكراد أو المؤيدة لإعطاء حقوق لهذه الأقلية. ومنهم حزب "الشعب الجمهوري" العلماني، الذي اعتبر أن الضرر الذي لحق بالأتراك بعد فشل الإنقلاب قد طال حوالى مليون شخص، وكله يعود إلى "تصرفات الحكومة المتهورة"[17].
أما هذه الأخيرة، فتتكل في إجراءاتها بحق الموظفين على الفقرات (6، 7، 8، 9، 10، 11) من المادة 137 من قانون الخدمة المدنية، وهي مواد تتعلق بتصرفات الموظفين والعقوبات والمخالفات التي قد يكونون قاموا بها، وخاصة في مجال علاقاتهم الخارجية ومشاركتهم في نشاطات ومظاهرات معادية للسلطة. كما تتكل الحكومة ووزارة التربية على المرسوم الحكومي الذي صدر في 23 تموز / يوليو بعد إعلان حالة الطوارئ، والذي يُعطيها القدرة على طرد وإعفاء الموظفين إن شكت السلطة بعلاقات مشبوهة يقومون بها، ودون الحاجة حتى إلى مراجعة السلطة القضائية[18].
في الإجمال، تستمر السلطات التركية بتنفيذ إجراءات متعددة بحق كل من يعارضها. البارحة كان دور أنصار الداعية الإسلامي فتح الله غولن، واليوم كان دور الأكراد ومناصرو القضية الكردية، وربما تتوسع غداً لتشمل آخرين. غير أن الأكيد، أن الحكومة بهذه التصرفات التي تقوم بها تؤذي الكثيرين، وتفقدهم وظائفهم ومصدر رزقهم، وهؤلاء قد لا يتوانون عن الإنضمام إلى المنظمات الإرهابية إن فقدوا كل مصدر للرزق والعيش. كما أن الأحداث المتلاحقة القادمة من تركيا، تبرز كم أن سطوة الحكومة والدولة قوية، وكم أن قوى المعارضة ضعيفة في إحداث أي فرق أو كبح جماحها ولو لمرة.



[1]Daren Butler, “Turkey arrests novelist for ties to Kurdish militants: media”, Reuters, August 19, 2016. Accessed in 20/9/2016, available on: http://in.reuters.com/article/turkey-security-newspaper-editor-idINKCN10U218
[2]Pen International, “Turkey: Police raid on offices of Kurdish daily and arrest of 23 employees a disturbing development”, August 29, 2016. Accessed in 20/9/2016, available on: http://www.pen-international.org/newsitems/turkey-police-raid-on-offices-of-kurdish-daily-and-arrest-of-25-employees-a-disturbing-development/
[3]Constanze Letsch, “Turkish journalists rally behind pro-Kurdish paper after arrests”, The Guardian, June 21, 2016. Accessed in 20/9/2016, available on: https://www.theguardian.com/world/2016/jun/21/turkish-journalists-can-dundar-rally-behind-pro-kurdish-paper-after-arrests
[4]Hurriyet Daily News, “Merkel criticizes Turkey over press freedom”, September 16, 2016. Accessed in 20/9/2016, available on: http://www.hurriyetdailynews.com/merkel-criticizes-turkey-over-press-freedom–.aspx?pageID=238&nID=103951&NewsCatID=339
[5]Daily Sabah, “AK Party submits proposal to lift parliamentary immunity”, April 12, 2016. Accessed on 20/9/2016, available on: http://www.dailysabah.com/legislation/2016/04/12/ak-party-submits-proposal-to-lift-parliamentary-immunity
[6]Oya Armutçu, “Turkey’s Erdoğan signs bill lifting 152 lawmakers’ immunity, paves way for 799 cases”, Hurriyet Daily News, June 9, 2016. Accessed on 20/9/2016, available on: http://www.hurriyetdailynews.com/turkeys-erdogan-signs-bill-lifting-152-lawmakers-immunity-paves-way-for-799-cases.aspx?PageID=238&NID=100247&NewsCatID=338
[7]Hurriyet Daily News, “HDP deputy chair arrested on terror charges”, September 16, 2016. Accessed on 20/9/2016, available on: http://www.hurriyetdailynews.com/hdp-deputy-chair-arrested-on-terror-charges.aspx?pageID=238&nID=103953&NewsCatID=509
[8]Mehul Srivastava & David Gardner, “Kurdish leader Demirtas courts arrest in stand-off with Erdogan”, Financial Times, September 15, 2016. Accessed on 20/9/2016, available on: https://www.ft.com/content/2f0fc58a-79ab-11e6-97ae-647294649b28
[9]Hurriyet Daily News, “28 mayors replaced with trustees by Turkish government”, September 11, 2016. Accessed on 20/9/2016, available on: http://www.hurriyetdailynews.com/28-mayors-replaced-with-trustees-by-turkish-government.aspx?pageID=238&nID=103784&NewsCatID=341
[10]Uğur Ergan, “Intel reports detail alleged links between dismissed mayors, PKK”, Hurriyet Daily News, September 13, 2016. Accessed on 20/9/2016, available on: http://www.hurriyetdailynews.com/intel-reports-detail-alleged-links-between-dismissed-mayors-pkk.aspx?pageID=238&nID=103833&NewsCatID=341
[11]Daily Sabah, “Terror supporting mayors should have been replaced earlier, President Erdoğan says”, September 12, 2016. Accessed on 20/9/2016, available on: http://www.dailysabah.com/war-on-terror/2016/09/12/terror-supporting-mayors-should-have-been-replaced-earlier-president-erdogan-says
[12]Hurriyet Daily News, “Interior minister orders reinstating of Kurdish name plate in trustee-appointed municipality”, September 13, 2016. Accessed on 20/9/2016, available on: http://www.hurriyetdailynews.com/interior-minister-orders-reinstating-of-kurdish-name-plate-in-trustee-appointed-municipality.aspx?pageID=238&nID=103851&NewsCatID=341
[13]Hurriyet Daily News, “53 wounded in PKK car bomb attack in Turkey’s Van”, September 12, 2016. Accessed on 20/9/2016, available on: http://www.hurriyetdailynews.com/53-wounded-in-pkk-car-bomb-attack-in-turkeys-van.aspx?pageID=238&nID=103817&NewsCatID=341
[14]Middle East Online, “Dozens detained at teacher demo in southeast Turkey”, September 9, 2016. Accessed on 20/9/2016, available on: http://www.middle-east-online.com/english/?id=78628

متوفر من خلال:

مقالات ، تركيا



لتعليقاتكم


طورت بواسطة Curly Brackets

اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية